اتهم مسؤول فلسطيني إسرائيل باتباع سياسات الاعتقال في سجون سرية، أقامتها لاحتجاز معتقلين فلسطينيين وعرب، اختفى الكثير منهم في ظروف غامضة، بعد اعتقالهم خلال عقود من الصراع.

وأكّد مدير قسم الإحصاء في وزارة شؤون الأسرى والمحرّرين عبد الناصر فروانة، في تصريحات لوكالة الأنباء الكويتية، أنّ «افتتاح سجون سرية، وإخفاء أو اختفاء المعتقلين، من أهم سمات الاحتلال التي مارسها بحق الفلسطينيين على مدار سنوات طوال»، لافتاً إلى أنّ «حكومات الاحتلال رفضت، ولا تزال، فتح أبواب سجونها أمام الرأي العام ومؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية بحرية تامة ودون رقابة» مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ «بعض هذه السجون السرّية بات معروفاً للكل».

شواهد ممارسات

وشدّد فروانة على أنّ «كل الشواهد تؤكد أنّ ممارسات أجهزة أمن الاحتلال إجرامية، ولا تمت للإنسانية بصلة، أثبتها فتح سجون سرّية أخفت الكثير من المعتقلين الذين لم تعترف بوجودهم، فيما أعدمت الكثيرين بعيداً عن الأعين»، داعياً إلى بذل مزيد من الضغوط على المؤسسات الحقوقية الدولية، للتحرّك والتخلّي عن موقفها السلبي للكشف عن تلك السجون، وإنقاذ حياة المعتقلين فيها قبل اختفائهم إلى الأبد.

مخاوف انتهاكات

وأعرب فروانة عن مخاوفه من وجود انتهاكات جسيمة بحق الموقوفين في سجون بمعسكر اعتقال سري شمالي إسرائيل، ترفض السماح لأي جهة دولية بدخوله، مشيراً إلى أنّ «هذا المعسكر أقيم في منطقة تبدو عادية غير مثيرة للريبة، من حيث الموقع الذي يحاط ما يحدث به من جرائم وانتهاكات مخالفة للقانون الدولي، بكثير من السرية والتكتّم الشديد، موضحاً أنّ «إسرائيل لا تزال تنكر وجود هذا السجن، رغم مرور عدة سنوات على اكتشافه»، وأنّه لا يعرف إجمالي عدد نزلائه حتى الآن، مشدّداً على أنّه من المعروف أنّ من يدخله يختفي إلى الأبد.

ونوّه فراونة بأنّ «اكتشاف هذا السجن رقم 1391 جرى أواخر عام 2003، وأنّ أعضاء الكنيست الإسرائيلي ممنوعون من زيارته والاطلاع على ظروفه أو لقاء المعتقلين داخله»، لافتاً إلى أنّ «عائلات فلسطينية ولبنانية وأردنية عديدة تقدّمت في السنوات الأخيرة بشكاوى تشير لاختفاء أبنائها، وتعتقد أنّ أبناءها لا يزالون أحياء معتقلين بسجون الاحتلال السرية، ومنها السجن السري رقم 1391».

وثيق روابط

وأوضح أنّ «هناك ترابطاً وثيقاً بين اختفاء المئات من الأسرى الفلسطينيين والعرب منذ عقود وسنوات طوال، الذين اعتبروا في تعداد المفقودين، وبين السجون السرية ومقابر الأرقام السرّية التي أقامتها إسرائيل للشهداء من الفدائيين الفلسطينيين والعرب، مبيّناً أنّ «من اختفوا وأصبح مصيرهم مجهولاً، ربما كانوا أحياء في هذه السجون، أو أنّ بعضهم استشهد ونقل جثمانه إلى ثلاجات الموتى ليقضي حكماً بالسجن بعد موته، أو دفن في ما يعرف بمقابر الأرقام السرية، وهذا لا يوجد سوى في إسرائيل».

وقال إنّ إسرائيل هي الوحيدة في العالم التي تعاقب الإنسان بعد موته، وتصدر أحكاماً عليه، وتحتجز جثامين الشهداء، في جريمة تعتبر من أكبر الجرائم الإنسانية والأخلاقية والقانونية.

وتأتي تصريحات فروانة، تعليقاً على حالة الجدل القائم في إسرائيل، بعد الكشف عن وفاة أسترالي الأصل يدعى بن زايغر، عمل مع جهاز «الموساد» الإسرائيلي، والذي أخفت الأخيرة خبر وفاته في زنزانة انفرادية في سجن ايالون لمدة تزيد على العامين.

مقابر أرقام

أقامت إسرائيل عدداً من «مقابر الأرقام»، دفنت فيها المئات من المقاتلين والأسرى الفلسطينيين واللبنانيين خلال العقود الأخيرة، تقع واحدة منها بجانب جسر بنات يعقوب في منطقة غور الأردن، وتضم جثث المئات من هؤلاء الذين استشهدوا خلال حرب لبنان الأولى.

وأقرّت إسرائيل اليوم بأنّها مارست، ولا تزال، عمليات اعتقال وتوقيف تجري بسرّية، بحق أشخاص، منهم إسرائيليون تشتبه في تورّطهم في قضايا أمنية خطيرة، قبل إخفائهم في سجونها.