حتى ومسائل الخلاف فيها
تعتبر حتى إحدى مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين، وهي المسألة الثالثة والثمانين في كتاب( الإنصاف في مسائل الخلاف) والسؤال المطروح:
هل حتى تنصب الفعل المضارع؟
يقول الكوفيون بأن حتى تكون: حرف نصب مباشر ( سأدرس حتى أنجحَ). ويقولون أيضا هي حرف غاية وجر وتدخل على الأسماء.. ( سرت مع أصدقائي حتى آخرِ الشارعِ).
أمّا البصريون فقالوا بأن حتى لا تكون إلاّ حرف جر، وتنصب المضارع بعدها بأن المضمرة( المصدرية) ويكون المصدر المؤول في محل جر .
وقد قال الكوفيون بأن حتى تكون بمعنى (كي) وكي حرف نصب. وهي بمعنى (إلى) وعليه يكون معناها( إلى أن) وأن تنصب.
بينما يرد الكوفيون بأن ( حتى) من عوامل الأسماء فلا تكون من عوامل الأفعال.
الخ..
وقد جاء في مغني اللبيب أن حتى حرف يأتي لأحد ثلاثة معاني :
الأوّل:
أن تكون جارّة بمنزلة إلى، لكنها تخالفها في أمرين :
أحدها: أنّ لمجرورها شرطين الأول أن يكون اسما ظاهرًا فلا يكون ضميرا متّصلا. وما جاء غير ذلك فشاذ.
ثانيها: أنّ كل من (إلى) و (حتى) تنفردان بمحلٍ لا يصلح للآخر. فلو قلت: ( كتبتُ إلى زيدٍ أن يأتي) لا يصلح قولنا : ( كبتتُ حتى زيد أن يأتي).
ومما انفردت به (حتى) دخولها على المضارع ونصبه بأن مضمرة بعدها.
الثاني : تأتي عاطفة بمنزلة الواو مع فروق. منها: عطف الجزء على الكل. ( أكلتُ السمكة حتى رأسَها) أو عطف الكل على الجزء (جاء الحاجُّ حتى المشاةُ). والفرق الثاني أنها لا تعطف الجمل . لأن شرط معطوفها جزء أو كل مما قبلها.
الثالث من أوجه حتى: أن تكون حرف ابتداء أي حرف تُبتدَأ به الجمل.
فما زالتِ القتلى تمجُّ دماؤها......... بدجلةَ حتّى ماءُ دجلةَ أشكَلُ
ويكون إعراب ( ماءُ ) مبتدأ. لأنّ حتى حرف ابتداء هنا. ومثله قول الفرزدق:
فوا عجبًا حتى كليبٌ تسبُّني ....
والمثال التالي يجمع الثلاثة معا: ( أكلتُ السمكةَ حتى رأسَِـُها) فلك أن تجرّ ( رأسها) على أن حتى حرف جر، أو تنصبها عطف، أو ترفعها على أنها حرف ابتداء
:icon10: