إلى الآباء.. دعوا الأزهار تتفتح
كثير من الآباء قد لا يدركون مدى خطورة قتل الثقة في نفس ووجدان أولادهم بعد أن شبوا عن الطوق وتملكوا رشدهم.. إنهم يتعاملون مع أبنائهم كما لو كانوا صغاراً ليس لهم شخصية ولا إرادة ولا مشاعر ناضجة.. لم هذا التصوُّر وهذا العمل؟!! إننا بذلك نقتل التطلع وتحمل المسؤولية عند شباب كالرجال في تعاملهم وردود أفعالهم.
إنه أمر يشكل خطورة فادحة على مستقبل الأبناء واستشعارهم بالقدرة على التعامل مع مجتمعهم من خلال إدراكهم المتفتح .
أفلا تعلم أن نهج التربية السليم حذَّرنا من أية نتائج عكسية مدمرة ناتجة عن هذا النمط من السلوك الخاطئ.. وإلا قد يؤدي ذلك بنا إلى مسلكين متوازيين كليهما قاتل وهما:
1 ـ أن يتجمد لدى الابن كل إحساس بالمسؤولية من جراء قتل الثقة، وإظهاره بمظهر القاصر الذي لا رأي ولا مكان لاقتراحه.. وهل نريد ذلك لأبنائنا؟
2 ـ المسلك الآخر وهو مسلك الخروج عن طوع الأب وعن سُلطته.. وهي تلك اللحظة التي يتمرد فيها الابن على سلطة الأب وقهره ويتحول تحولاً جذرياً من ابن بار إلى آخر عاق يرفض كل طاعة!! ويعصيه كل ساعة!! حتى لأدنى الأشياء التي لا يصح رفضها!!
هذه نهاية مأساوية.. مسلسل مأساوي.. كتب الأب نهايته بنفسه.. وليقتل الأب ابنه بقتل الثقة في نفسه.. ولتعم الشكوى البيت.
الأمر الذي يجعلنا نتوقف ولو لبرهة إزاء تعاملنا مع أبنائنا وجرأة الطموح فيهم.. ونتدارك بعقلانية كل أخطاء الماضي.. لدرء مخاطر المستقبل.. إن العنف والقصور في الفهم السليم للتربية عند الكثير من الآباء مشكلة بحد ذاتها.. نراها في ساحة المجتمع أفرزت الكثير من المشاكل ولن نحلّها بقدرة السيطرة على العواطف بتعاملنا مع أولادنا الراشدين . والمرشدين كما لو كانوا إخوة لنا لهم حق الرأي والمشورة والمشاركة في الآراء والقرارات.
عفواً
الأب.. حذار من قتل الثقة في نفس ابنك وهذه رسالتي إليك..
لكي تكسب ابنك !!
هذه مجموعة من الوصايا أقدمها لكل أب وولي حٌمِّل أمانة التربية والبناء لجيل الأمة القادم من البنات والأبناء ، ليعلم أن التربية للنشء في هذا الوقت أصبح من الأمور المعقّدة في ظل انفتاح العالم ، وسهولة الوصول لكل شر ، وغياب الثقافة الفكرية والتربوية عند الآباء والأمهات ، ولضرورة أن نتكاتف جميعاً لحماية كيان الأسرة المسلمة ، وأن نحافظ على ثباتها أمام الشهوات والفتن ، علَّ الله تعالى أن ينفع بها ، وما عليك إلا أن تتأمل بتفكيرٍ عميق لا سطحيّ ، وبنظرة ثاقبة لا عابرة في هذه الوصايا لتساهم أنت بدورك أيضاً تجاه أبناءك وأسرتك.
أولاً :
أشعر ابنك بأهميته مهما كان صغرُ سنه وقلّة إدراكه ، وامنحه جزءاً من مساحة التعبير عن نفسه حينما يعبر عن ما يحب وما يكره ، واجعل الحوار الهادئ الهادف بينكما طريق للوصول إلى ما تريده أنت ، ولا تطرد ابنك عنك ، فهذا حبيبك عليه الصلاة والسلام يخرج مع ابن عباس رضي الله عنهما وهو لم يتجاوز العشر سنوات يعلّمه كلمات حفظناها عن ابن عباس رضي الله عنهما عن حبيبه وحبيبنا عليه الصلاة والسلام .
ثانياً :
اظهر حبك لابنك ، وكوّن له الرصيد العاطفي الذي يبحث عنه ، فهو يتألم ويأمل ، ويؤثر ويتأثر ، ويريدك أن تضمّه وتمسح دمعته ، وتلازمه في سراءه وضراءه ، فإذا لم يجد ذلك الحنان الأبوي فسيبحث عنه عند غيرك وحينها يقع في مالا تتمناه وتخشاه من الفواحش والآثام ، وفي سؤال لشباب ضيّعوا دينهم وأسرهم عن أسباب غيّهم وفسادهم ودخولهم في الفواحش و المخدرات والآثام قال أكثرهم من أهم الأسباب غياب آباءنا و أمهاتنا عنا واجتماعاتهم واهتمامهم بشؤونهم ومصالحهم حتى أوقعونا في ما نحن فيه .
ثالثا:
تقبل أبناءك وتعرف إلى إمكانياتهم دون أن تجبرهم أن يحققوا ما فوق قدراتهم الفعلية واعمل جاهداً على أن يتكيف مع وضعه ، واصنع له طرقاً تناسبه ليصل إلى النجاح الذي يريده وتريده أنت .
رابعا :
لا تتصنع المثالية أمام أبناءك وبناتك واعلم أنك بشرٌ تخطئ وتصيب ، لذا عليك إذا أخطأت بحق أحدهم أن تظهر له ندمك على خطأك وأن تبادره بالاعتذار والأسف " وإذا اعترفنا بأخطائنا أمام أبناءنا فلن نسقط من أعينهم كما يظن البعض – وإنما سيزدادون حباً وتقديراً لنا ، وسيتنسمون في بيوتنا روائح الصدق والمصداقية ، إن للتصرف على السجية والطبيعة دون تكلف أو تزوير طعماً مميزاً لا يعرف لذته إلا من ذاقه ..
خامساً :
لا تبالغ في دلالهم أو إعطاءهم ما يريدون وقت ما يريدون من المال وغيره لذا فإنه يتعين عليك وكما بنيت لهم بيتاً من الطين والحديد لحمايتهم الظاهرية فلا بد أن تبني لهم بيتاً من المثل والأخلاقيات وتحمل المسؤولية لحمايتهم الباطنية والقلبية .
سادسا :
أعطهم جزءاً من وقتك واحذر بأن تشغلك الدنيا عنهم فهم بحاجتك وحاجة توجيهاتك ونصحك وقربك منهم ، ولا تحسسهم باليتم وأنت بينهم حياً .
سابعا :
حفزهم على الإنجاز والعطاء بالتشجيع والتهنئة والدعاء لهم ، والثناء عليهم أمام أقرانهم وأصدقائهم ولا تبخل عليهم بالهدية فهي مفتاح للقلوب وفرحة للصدور وحبل وثيق للتواصل والمقاربة وكافئهم على النجاح الذي حققوه ، وأظهر لهم سعادتك بنجاحهم ، وبأنك فخور بهم .
ثامنا :
اظهر لهم نقاط قوتهم التي يمتلكوها واكتشف مواهبهم في وقت مبكر وساعدهم على تنميتها ، فحينما تكتشف أن أحد أبناءك عنده حس أدبي مثلاً فأحضر له كل ما يفيده لتنميته هذا لحس من كتب ومراجع أدبية وغيرها ، ومن ثم حاول بأن توجهه بأن يسخر تلك الموهبة ويوجهها للطريق الأمثل .
تاسعا :
أجب عن استفسارات أبنائك بشكل يحاكي عقولهم أو اطلب المساعدة من المرشد التربوي في المدرسة لأن الطالب إذا لم يحصل على المعلومة منك فقد يتعلمها من زميله الذي قد لا يكون أكثر دراية منه .
هذه بعض الاقتراحات التي يمكن أن تسهم ولو بشكل بسيط في وضعك على بداية الطريق الذي ستحصد نتائجه المميزة إذا سرت به بشكل مميز منذ البداية ....