لم يكن أكثر المتشائمين بالوضع المصري عقب نجاح ثورة 25 من يناير في الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، يتوقع إمكانية أن يتم تبرئة رموز النظام السابق من تهم الفساد التي لاحقتهم وزجوا في السجون من أجلها، ولأن الرياح عادة تأتي بما لا تشتهيه السفن، فقد جاءت رياح النظام المصري الجديد برئاسة محمد مرسي، لتكون شاهدة على تبرئة عدد من رموز النظام السابق، وخروجهم من السجن بعد التصالح أو الحصول على أحكام براءة، وهو ما اعتبره البعض يُمهد الطريق أمام ما سموه بـ «ضربة قاضية للثورة»، وهي براءة الرئيس السابق حسني مُبارك نفسه، عقب قبول النقض منذ أسابيع.
«مهرجان البراءة»
وكان آخر المُفرج عنهم رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق زكريا عزمي بضمان محل إقامته، بعد التصالح في قضية الفساد المالي الشهيرة إعلامياً بـ «هدايا الأهرام والأخبار»، ورده لمبلغ مليوني جنيه إلى النيابة.. وكان قد سبقه الإفراج عن رئيس مجلس الشورى السابق صفوت الشريف، بعد سداده لكفالة مالية قررتها المحكمة.. وكانت محكمة مصرية قضت بإعادة محاكمة وزير السياحة الأسبق زهير جرانة، وإعادة محاكمة رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف في القضية الشهيرة إعلامياً بـ «اللوحات المعدنية»، وكذلك وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي، وهو ما أطلق عليه البعض ساخراً «مهرجان البراءة للجميع»!
غير أن قانونيين أكدوا أنه لو شكل خروج مبارك خطراً على الأمن العام، حال ما إن وجب خروجه لاستيفاء مدة الحبس الاحتياطي، فإنه من الممكن أن يتم تجديد حبسه لحين موعد نظر القضية وصدور الحكم النهائي فيها.
وللمفارقة، فإنه في الوقت الذي يتصالح فيه النظام المصري الحالي مع رموز النظام القديم مقابل رد الأموال التي سلبوها من دون وجه حق، يأتي تزامناً مع قيام النظام نفسه بتأجيج خصومة وقطيعة سياسية مع المعارضة والثوار، وإدانتهم في كثير من الأحيان وإلقاء التهم عليهم بشأن إفساد الحياة السياسية، وتحريض المواطنين المصريين على «الفوضى»، والعمل ضد الشرعية الدستورية!
صفقات مشبوهة
في هذا الإطار، يقول الناشط السياسي عضو مجلس الشعب السابق حمدي الفخراني إن الإخوان المسلمين اعتادوا إبرام الصفقات المشبوهة مع النظام السابق من أسفل المنضدة، وبالتالي، فإن فلسفتهم الآن على المشهد السياسي، هي جزء من سياسة النظام السابق، فهم يحاولون بشتى الطرق، احتكار الساحة السياسية لذواتهم، وتهميش المعارضة، وفي سبيل ذلك، لا مانع لديهم من إجراء أو إبرام صفقات مع رموز النظام السابق، وتسهيل تبرئتهم والتصالح معهم بصورة أو أخرى، ذلك من أجل إضعاف مركز المعارضة، وإقصائهم عن المشهد المصري.
صفقة
اتهم بعض النشطاء، جماعة الإخوان المسلمين، بعمل صفقة مع النظام السابق، يتم على أساسها خروج رموز النظام القديم من السجن، مقابل رد أموال للجماعة تنعش خزينة الدولة، وتسهم في دعم سياسات الجماعة، وتشمل تلك الصفقة، الإفراج عن الرئيس السابق حسني مبارك نفسه شهر إبريل المقبل، وذلك لما يستنفد المدة القانونية للحبس الاحتياطي.