رام الله-فراس برس:صدر مؤخراً تقرير موسع، نشرته "دير شبيغل" الالمانية، تلقي الضوء فيه على أسباب تراجع المشاهدة لفضائية الجزيرة القطرية، وهذا ما جعل إدارة الفضائية الاخبارية أن تعيد النظر في بعض سياستها بشكل عاجل، من أجل العودة الى القمة الاعلامية، واسترجاع ثقة المشهد العربي خاصة في الاقاليم المحيطة .
فما وجدت فضائية الجزيرة القطرية سوى القضية الفلسطينية، والوجع الفلسطيني لكي تعيده الى الصدارة بعد أن غيبت الحدث الفلسطيني فترة غير بسطة، مقدمة عليه أحداث أقل منه قيمة و أهمية بشكل متعمد، لأن أجندتها تعلقت بما صدرته في محاولة منها لقلب موازين المنطقة رأساً على عقب .
وفي ذات فترة التهميش أو تأخير الحدث الفلسطيني الى الأخير او ما قبل الأخير رغم أهميته، حاولت الجزيرة القطرية أن تضرب مساميرها في تابوت الواقع الفلسطيني، ولعبت على وتر الانقسام الداخلي، وانحازت لفريق ضد أخر، وقللت من قدر الرئاسة ومنظمة التحرير، ورفعت من شأن حركة اتخذت من خصومتها السياسية وعراكها الداخلي وسيلة للظهور .
الجزيرة القطرية، بعد أن ظهرت معايبها وانكشف زيف شعارها " الرأي والرأي الأخر" تحاول من خلال نشرتها الرئيسة " حصاد اليوم " مراجعة العهد الذهبي، ولم تجد غير القضية الفلسطينية التي اعضتها أنذالك الزخم والاندفاع حول العالمية، واكتساب ثقة المشاهد العربي، فاليوم تعود الى الفلسطينيين، وتصدر همومهم كخبر أول ومساحة أوسع من خلال استشهاد الاسير عرفات جرادات .
تقرير " دير شبيغل" والذي رصده الكاتب العربي عبد الكريم رضا بن يخلف، فحاول العثور على أسباب تراجع فضائية الجزيرة، أظهر وجع الادارة القائمة، وفشلها في استعادة مربعها الاول، فيقول في أسباب الفشل :
"يبدو أن رياح الربيع العربي (التي ساهمت قناة الجزيرة بقوة في الدعاية له، بل في خلق الأجواء له)، جرت بما لا تشتهيه من نتائج سياسية، وبما لا ترتضيه من واقع شعبي جديد. تخبرنا بعض التقارير (موقع Lacom.com المغربي) أن قناة الجزيرة إدراكا منها بهذا التراجع المحسوس في شعبيتها تكون قد طلبت من دوائر مختصة للبحث في الموضوع، وقد تكون أصابت المسئولين عن قناة الجزيرة خيبة أمل مريرة من جراء النتائج للدراسة الأميركية، حيث قد تبين أن تراجعا ملحوظا شهدته نسبة مشاهدة القناة في أوساط المشاهد العربي، فبعدما كانت ترى من طرف معدل 43 مليون مشاهد يومي، انحسر المشاهدون إلى 6 ملايين مشاهد فقط".
هذا التراجع الضخم في انتشارها، ناجم عن انعدام ثقة مشاهديها القدماء، ورفضهم لسياستها في التعامل مع أحداث المنطقة، وخاصة في مصر وسوريا، وما يجري فيهما من مجريات مؤلمة ومرفوضة من قبل المشاهد العربي الغيور على وطنه الكبير .
انحياز الفضائية لفكر الاخوان المسلمين وتعزيز مكانتهم في المنطقة والانتصار لهم، سواء أكانوا على حق او باطل، واخراجهم على الاعلام وكأنهم " المهدي المنتظر" والمسيح المطهر لخراب الديار، جعلها أكثر انعزالية عن المنطق والواقع العربي .
وما تريد الجزيرة اليوم هو استعادة مكانتها والرجوع الى القمة، فهل ستكون القضية الفلسطينية هي الطائر الضخم الذي سيحملها مرة أخرى ويثبتها على القمة، ويدخلها قلوب الملايين العرب ؟
لا يظن عاقل أن تتخلى الجزيرة عن "عشقها " للاخوان المسلمين ومنهم حركة حماس في فلسطين، لتلقي الضوء بمعايير مهنية بحتة على المشهد كله، وتقول للحق أنه حق وللباطل أنه باطل، خاصة بعد كتبت على نفسها حشر العقل العربي بما هي تؤمن به، وتريده أن يكون البيان الواضح والراجح، ولو كان فيه إجحاف كبير وتضليل وتدليس للحقوق وتشويه الوقائع.