"اضطرت الحكومة الإسرائيلية الى تغيير القرار العنصري الذي اتخذته، والقاضي بمنع الفلسطينيين من الضفة الفلسطينية استخدام حافلات الركاب التي تقل المستوطنين الى داخل مناطق 1948، وذلك بعد أن ثارت ضجة كبيرة محلية وعالمية، على القرار العنصري، الذي ذكّر بأساليب نظام الابرتهايد العنصري في جنوب افريقيا.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد قررت تسيير خط حافلات ركاب من الضفة الفلسطينية المحتلة الى داخل مناطق 1948، لذوي التصاريح الخاصة، ومنعهم من ركوب حافلات تقل المستوطنين في الاراضي الفلسطينية، بدعوى منع الاحتكاك بين الجانبين.
وقضت التعليمات الجديدة بتجميع الفلسطينيين عند نقاط عبور وحواجز، لتقلهم حافلات خاصة بهم الى داخل مناطق 1948، ثم يتم تجميعهم من جديد في نهاية يوم العمل، واعادتهم الى نقاط العبور التي انطلقوا منها في الضفة الفلسطينية، حيث يتعرضون لحملات تفتيش مهينة.
إلا أنه مع صدور القرار وبدء تنفيذه يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، ثارت ضجة كبيرة في إسرائيل، خاصة من جهات حقوقية حذرت من أن هذا القرار سيواجه في العالم، على أنه نمط من أنماط نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا، وانضمت الى القوى المحتجة قوى يسارية إسرائيلية، كما أن وسائل الإعلام المركزية في إسرائيل هاجمت القرار.
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، "ان الفصل في الحافلات هو جزء من فصل مبدئي أكثر بين السكان، وجد تعبيره تقريبا في كل مجال محتمل. في فرز مناطق السكن، في منظومات القوانين المختلفة، في توزيع المصادر غير المتساوي وفي نظام الحركة التمييزي. فالارض المحتلة يفترض أن تدار من دولة الاحتلال كوديعة مؤقتة، في صالح السكان المحليين. وتوجد قواعد واضحة تستهدف منع التدهور الى نظام استعماري أو نظام أبرتهايد. الشكل الذي تدير فيه اسرائيل المناطق بعيد عن الطريق الذي يفترض به ادارة ارض محتلة. وبالتالي فبدلا من "الحرص" على الفلسطينيين من خلال اقصائهم عن خطوط باصات اليهود، يجمل برئيس الوزراء أن يأمر بشكل فوري بوقف هذا الفصل العنصري".
وقال مركز "عدالة" الحقوقي الفلسطيني، إن "تقييد سفر العمال الفلسطينيين في خطوط مواصلات خاصة غير قانوني، خاصةً عندما يشكّل هذا القرار خضوعًا مهينًا لعنصريّة المستوطنين والضغوطات السياسيّة التي يمارسونها على متخذي القرار".
وزعمت وزارة المواصلات في حكومة الاحتلال بداية، أن الاجراء جاء "خدمة" للعمال الفلسطينيين، ومنع استغلالهم في النقليات الخاصة، إذ أن سيارة النقل الخاصة تجبي من العمال أجور سفر عالية، ولكن تقارير الصحافة الاسرائيلية أثبتت زيف هذه الادعاءات، إذ أن القرار جاء بضغط من المستوطنين، الذين يرفضون التنقل في حافلات سوية مع الفلسطينيين.
وبعد أن تكاثرت الضغوط، ووصل الأمر الى الحلبة السياسية، أعلن وزير المواصلات في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس، إن بامكان العمال الفلسطينيين أن استخدام كل حافلة توصلهم الى العناوين التي ينوون التوجه اليها، وأوعز الى مدير عام وزارته بتكثيف عدد الحافلات المتحركة في الضفة الفلسطينية، وأن يضمن وجود ارشادات وتعليمات المواصلات العامة باللغتين العربية والعبرية.