كشف النقاب أمس عن محادثات سرية فريدة من نوعها جرت بين الاستخبارات الأميركية وايران لتسهيل القبض على سليمان أبو غيث، الذي يحاكم الآن مكبلاً بالأصفاد في نيويورك، ومن بقعة تتيح رؤية مسرح تفجيرات 11 سبتمبر.
وتقول مصادر إنفاذ القانون إن أبو غيث اعتقل في الأردن بعد أنباء عن طرده من تركيا، لكن أفيد أمس أنه في أواخر 2002 واوائل 2003 أجرى ضباط من «سي.آي.إيه» محادثات سرية في أوروبا مع مسؤولين ايرانيين بشأن طرد أبوغيث وزملائه من ايران الى السعودية او غيرها، وكان لدى واشنطن معلومات بأن شخصيات من «القاعدة» في ايران ربما كانت على اتصال مع متشددين في السعودية يمثلون مخاطر على المملكة. لكن المحادثات السرية تعثرت عندما اشترطت ايران ان تشن واشنطن حملة على «مجاهدي خلق».
دفع سليمان أبوغيث، صهر زعيم تنظيم القاعدة، والمتحدث باسم التنظيم، ببراءته من تهمة الإرهاب، في قاعة المحكمة في نيويورك.
جلسة الاستماع استغرقت 15 دقيقة. ولدى دخوله إلى القاعة موثقا من الخلف بأصفاد سوداء، بدا ملتحيا وبزي السجن الأزرق. وبعد فك الأصفاد أجلسوه بين المحامي فيليب اينشتاين، الذي عينته المحكمة لتولي الدفاع عنه، ومترجم.
هل تفهم حقوقك؟
أول جملة نطق بها القاضي كانت: «السيد سليمان بوغيث.. هل تفهم حقوقك؟».
وبمساعدة مترجم أجاب بوغيث: «نعم».
ثم أعقبه القاضي بالسؤال: «هل لديك المال لدفع أجر المحامي؟».
هز رأسه بالنفي. ثم جلبوا له شهادة خطية ليوقّع عليها بأنه ليس لديه مصدر مالي، ووصف فيها حالته المادية.
وبعد تلاوة لائحة الاتهام التي بلغت 22 صفحة تم استكمالها لحظة وصوله إلى الولايات المتحدة في الأول من مارس، طلب القاضي تعليقه على الاتهامات، فنفاها، قائلا: «أنا مجرد داعية أهتم بشؤون ديني، وأسامة بن لادن كان مسؤولا عن التنظيم وعملياته ومخططاته، ولم يكن يخبرنا بشيء».
إمام مسجد قندهار
وعن تحريضه في قندهار لقتال الأميركيين، أجاب بأنه كان إمام مسجد قندهار، وكان يحرص على تقديم الخطب والمواعظ الدينية فحسب، ولا يتذكر بالتفصيل كل الجمل التي نطق بها قبل أكثر من 10 أعوام.
وسأله القاضي إن كان يستطيع «دفع كفالة»، فاجاب بالنفي، حينها أمر القاضي باحتجازه في «مركز الإصلاح بمتروبوليتان» لحين بداية محكمته في 8 أبريل.
لتحقيق العدالة
هذا، وقد دافع البيت الأبيض عن قرار محاكمته أمام محكمة مدنية عوضا عن غوانتانامو، وأشار الناطق جوش إيرنست إلى «توافق عام لدى الحكومة» لنظر القضية أمام محكمة مدنية، وإنه يوجد «سجل تتبع قوي» لاستخدام هذه المحاكم بقضايا الإرهاب.
عشر سنوات من التحريات
وحول ظروف اعتقال بوغيث التي لاتزال غامضة، قال مسؤولون أميركيون إن محققين تتبعوه عشر سنوات قبل احتجازه في الأردن ونقله إلى نيويورك بواسطة مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) .
وصرح مسؤول بأن ضابطا بمكتب التحقيقات، ومخبرا من شرطة نيويورك أمضيا أكثر من عشر سنوات في جمع تحريات، ليس فقط لدوره كمتحدث باسم «القاعدة»، وإنما لأنشطة يعتقدان أنه تورّط فيها قبل 2001.
وتقول مصادر إنفاذ القانون إنه اعتقل في الأردن بواسطة السلطات المحلية ومكتب التحقيقات الاتحادي بعد أنباء عن طرده من تركيا.
تحت سيطرة الحكومة الإيرانية
لكن يعتقد أن أبو غيث أمضى معظم السنوات العشر الماضية في إيران التي لجأ إليها مع مجموعة من أنصار بن لادن. وقال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون إن المجموعة التي يعرفها محققون باسم «مجلس إدارة القاعدة» كانت على نحو أو آخر تحت سيطرة الحكومة الايرانية، التي كانت تنظر إليها بريبة، وأبوغيث كان من بين أعضاء المجموعة سيف العدل أحد كبار قادة «القاعدة».
محادثات سرية
وقال مسؤول أميركي سابق إنه في أواخر 2002 وأوائل 2003 أجرى ضباط من «سي.آي.إيه» محادثات سرية في أوروبا مع مسؤولين إيرانيين بشأن طرد بوغيث وزملائه من ايران الى السعودية أو بلد عربي آخر.. وكان لدى واشنطن معلومات بأن شخصيات من «القاعدة» في ايران ربما كانت على اتصال مع متشددين في السعودية يمثلون مخاطر على المصالح السعودية.
لكن المسؤول السابق، قال إن المحادثات السرية تعثرت عندما اشترطت إيران أن تشن واشنطن حملة على مجاهدي خلق.