الناصرة ـ القدس العربي ـ كشفت مصادر امنية اسرائيلية الجمعة، النقاب عن انّ الولايات المتحدة، ومقابل تجميد البناء في المستوطنات المقامة على الضفة الغربية المحتلة، تقترح تمكين الطائرات الاسرائيلية من التحليق فوق الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
وقال المحلل للشؤون العسكرية، اليكس فيشمان، المعروف بارتباطاته مع المؤسسة الامنية في الدولة العبرية انّ الولايات المتحدة الامريكية تتعهد، وفق المصادر الامنية في تل ابيب، بان تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق اجوائها، ما يعني تقصير الرحلات الى الشرق الاقصى بثلاث ساعات وهبوط اسعار الرحلات الجوية، وساق قائلا انّ عددا من دول الخليج وشمال افريقيا سوف توافق على اعادة فتح مكاتب المصالح التجارية الاسرائيلية، التي كان قد تمّ اغلاقها بعد الانتفاضة الثانية في ايلول (سبتمبر) من العام 2000.
وساق فيشمان قائلا انّ ادارة الرئيس الامريكي، باراك اوباما، حصلت على موافقة دول عربية على تحليق الطيران الاسرائيلي فوق اراضيها مقابل تجميد اعمال البناء في المستوطنات، لكنّه اشار في نفس السياق الى انّ صنّاع القرار في تل ابيب ينظرون الى الاقتراحات الامريكية بتشكك، على حد تعبيره.
واوضح ايضا انّ البيت الابيض عاقد العزم على عرض بادرتي حسن نية على اسرائيل مقابل تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، الاولى التزام دول عربية معينة، لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، بالسماح للطائرات الاسرائيلية بالتحليق في اجوائها، الامر الذي سوف يتيح تقليص مدة سفر الرحلات الجوية الاسرائيلية الى الشرق الاقصى بشكل جدي.
وبحسب الصحيفة فإن الدول التي تقع في مسار هذه الرحلات الجوية هي المملكة العربية السعودية والعراق ودول الخليج العربي.
وعلاوة على ذلك، زادت الصحيفة العبرية قائلة، انّه في مقابل تجميد البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية فانّ اسرائيل سوف تتمكن من اعادة فتح مكاتبها التجارية التي كانت تعمل في الماضي في شمال افريقيا وفي دول الخليج، والتي اضطرت الى اغلاقها في السنوات الاخيرة. يذكر ان مثل هذه المكاتب كانت موجودة في المغرب وتونس وعمان وقطر، وكانت قطر قد اعلنت بعد العدوان البربري الذي شنته الدولة العبرية اواخر العام الماضي واوائل العام الجاري ضد قطاع غزة عن اغلاق مكتب المصالح الاسرائيلي في العاصمة، الدوحة.
مضافا الى ما ذُكر اعلاه، نقلت "يديعوت احرونوت"عن مصادر سياسية اسرائيلية وصفتها بالرفيعة قولها انّ مسألة المقابل الذي ستحصل عليه اسرائيل لقاء تجميد البناء في المستوطنات كانت قد طرحت في لقاء وزير الامن الاسرائيلي ايهود باراك مع المبعوث الامريكي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل، والذي جرى في نيويورك يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع. علاوة على ذلك، اكدت المصادر عينها، على انّ هذه المسألة تمّ طرحها في لقاءات اخرى اجريت مؤخرا بين كبار المسؤولين الاسرائيليين ومسؤولين كبار في الادارة الامريكية، وتابعت الصحيفة قائلة انّ اسرائيل قد ابلغت بشكل واضح وصريح بانّ الادارة الامريكية قد حصلت من دول عربية معينة على تعهدات اولى لتنفيذ هذه المقترحات، كخطوات اولى في اطار التسوية السياسية الشاملة والاقليمية.
بالاضافة الى ذلك كتب المحلل الاسرائيلي نقلا عن مصادر امريكية عالية المستوى قولها انّ الولايات المتحدة الامريكية لا تنوي عرض هذه المقترحات بشكل رسمي طالما لم تتخذ اسرائيل خطوات عملية لتجميد البناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، على حد تعبير المصادر.
وبحسب الصحيفة فان المبعوث الامريكي لمنطقة الشرق الاوسط، جورج ميتشل كان قد ابلغ وزير الامن الاسرائيلي باراك بان الرئيس الامريكي باراك اوباما لم يمنح احدا تفويضا بالتوصل الى حل وسط بشأن تجميد البناء في المستوطنات، وان الطلب الوحيد الذي يمكن ان يوافق الامريكيون على سماعه هو استكمال مئات المباني التي تم بناء هياكلها. وفي المقابل اشارت الصحيفة الى التشكك الاسرائيلي حيال هذه المقترحات الامريكية، وذلك بسبب رفض السعودية في السابق لمطلب اسرائيل التحليق فوق اراضيها، كما اكدت المصادر السياسية في تل ابيب.
جدير بالذكر انّ تقارير صحافية اسرائيلية كانت قد تحدثت الاسبوع الماضي عن خطة امريكية للسلام بين الدولة العبرية وبين الدول العربية المصنفة امريكيا واسرائيليا بالمعتدلة، وزادت المصادر قائلة انّ الرئيس الامريكي سيطرح خطته للسلام في خطاب وصفته بالتاريخي في الصيف القادم.
وجاء ايضا، كما قالت صحيفة "يديعوت احرونوت" انّ احد الافكار لاخراج مبدأ السلام الاقليمي الى النور هو عقد مؤتمر دولي بمشاركة اسرائيل والدول العربية المصنفة اسرائيليا وامريكيا بالمعتدلة، والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة الامريكية والدول التي تعلن عن موافقتها على هذه الخطة. وكشفت المصادر نفسها النقاب عن انّه تدور من وراء الكواليس مباحثات دبلوماسية بين اسرائيل وامريكا والسعودية ومصر والاردن ودول الخليج الاخرى من اجل دفع هذه العملية قدما الى الامام. ووفق احد المصادر فانّ الدولة العبرية ستعلن في المؤتمر الدولي عن موافقتها على البدء بمفاوضات لإقامة الدولة الفلسطينية، وبموازاة ذلك تحصل على رزمة مبادرات حسن نية من الدول العربية، مثل السماح للطائرات الاسرائيلية بالدخول في المجالات الجوية للدول العربية وافتتاح مكاتب مصالح في عدد من الدول العربية وفي مقدمتها العربية السعودية، بالاضافة الى ذلك توافق الدول العربية على عدد من خطوات التطبيع من بينها السماح لرجال الاعمال الاسرائيليين بالعمل في الدول العربية، وكل هذه الامور، بحسب المصدر نفسه، تتم من خلال حصول الدولة العبرية على ضمانات دولية، اما بالنسبة للقدس فتقترح امريكا ان تكون الاماكن المقدسة تحت الرعاية الدولية، وان تكون المدينة عاصمة للدولتين.
في سياق ذي صلة، شن وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان اثناء زيارة قام بها مساء الخميس، الى حي درزي في مدينة شفاعمرو، ثاني اكبر المدن العربية الفلسطينية داخل ما يُسمى بالخط الاخضر، هجوما على حملة تقودها الولايات المتحدة الامريكية لوقف البناء الاستيطاني قائلا: انّه لا يمكن الموافقة على خنق المستوطنات في الضفة.
يشار الى انّ ليبرمان حلّ ضيفا على النائب الدرزي من حزبه، وتبنى ليبرمان لهجة اكثر تشددا من الآخرين في الحكومة الاسرائيلية اليمينية في الرد على مطالب واشنطن لوقف البناء على اراضي الضفة الغربية التي احتلتها اسرائيل في حرب 1967.
وقال ليبرمان: كي لا تصبح الامور مختلة التناسب اعتقد انه يجب علينا ان نعيد الاشياء الى نصابها. واضاف عن المستوطنين الذين يبلغ عددهم حوالي 500 الف في الضفة الغربية التي يسكنها ايضا ثلاثة ملايين فلسطيني: لا يمكن ان نوافق على خنق هؤلاء الناس بأيدينا بعدم السماح لهم بحياة طبيعية كالتي يحياها الناس في كل مكان. وانتقد ليبرمان - وهو نفسه من المستوطنين، حيث يقيم في مستوطنة (نوكديم) في الصفة الغربية ـ تصريحات للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل امام البرلمان الالماني قالت فيها انه يجب ان تكون هناك وقفة لبناء المستوطنات. وزار ليبرمان، الذي يتهمه السواد الاعظم من العرب الفلسطينيين في مناطق الـ48 بالعنصرية، حيا درزيا في شفا عمرو، تلبية لدعوة ابن المدينة النائب الدرزي من حزبه، حمد عمّار، وهو ضابط احتياط في جيش الاحتلال الاسرائيلي