سلطان الحنان & كبار الشخصيات &
التسجيل : 03/10/2012 العمر : 29 المشاركات : 880 الاقامة : فلسطين المهنة : طالب جامعي | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
ورقة عمل للصف العاشر الأساسي ( الفصل الثاني ) سورة مريم - عليها السلام- ( 16 - 34) تفسير الآيات لما ذكر الله عز وجل قصة زكريا ويحي عليهما السلام ، وكانت من الآيات العجيبة، انتقل إلى ذكر ما هو أعجب منها ، تدرجا من الأدنى إلى الأعلى فقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ: أي واذكر في الكتاب الكريم مريم في حالها الحسنة، إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً: حين اعتزلت أهلها وانفردت عنهم في مكان شرقي المحراب مما يلي مشرق الشمس. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً: أي سترا ومانعا من الجدران وهذا التباعد منها واتخاذ الحجاب، لتعتزل وتنفرد بعبادة ربها ، وذلك امتثالا منها لأمر الله عز وجل:{ وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ }.
فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا: وهو جبريل عليه السلام. فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً: كاملا من الرجال, في صورة جميلة, وهيئة حسنة, لا عيب فيه ولا نقص, لكونها لا تحتمل رؤيته على ما هو عليه. فلما رأته في هذه الحال, وهي معتزلة عن أهلها, منفردة عن الناس, قد اتخذت الحجاب عن أعز الناس عليها, وأهلها, خافت أن يكون رجلا قد تعرض لها بسوء, وطمع فيها, فاعتصمت بربها, واستعاذت منه .
" قالت إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ "أي ألتجئ به واعتصم برحمته, أن تنالني بسوء. " إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا " أي: إن كنت تخاف الله, وتعمل بتقواه, فاترك التعرض لي. فجمعت بين الاعتصام بربها, وبين تخويفه وترهيبه, وأمره بلزوم التقوى, وهي في تلك الحالة الخالية, والشباب, والبعد عن الناس. وهو في ذلك الجمال الباهر, والبشرية الكاملة السوية, ولم ينطق لها بسوء, أو يتعرض لها. وإنما ذلك خوف منها, وهذا أبلغ ما يكون من العفة, والبعد عن الشر وأسبابه. وهذه العفة - خصوصا مع اجتماع الدواعي, وعدم المانع - من أفضل الأعمال.
" قال إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ " أي, إنما وظيفتي وشغلي, تنفيذ رسالة ربي فيك.
" لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا " . والغلام الزكي: هو الطاهر من الذنوب. " قالت أنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا " فتعجبت من وجود الولد من غير أب والولد لا يوجد إلا بذلك؟!!. فقالت كيف يكون لي غلام ولم يمسسني بشر: من ولد آدم بنكاح حلال، ولم أك بغيا: وما بغيت ففعلت ذلك من الوجه الحرام فحملته من زنا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ " قال لها جبريل عليه السلام الأمر كما تصفين من أنك لم يمسسك بشر، ولم تكوني بغيا، ولكن ربك قال: هو عليَّ هين، أي خلق الغلام فلا يتعذر عليَّ أن أهبه لك من غير زوج. " وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ " : كي نجعل هذا الغلام علامة وحجة على خلق الله وعظيم قدرته. " وَرَحْمَةً مِنَّا " : ولنجعله رحمة منا به, وبوالدته, وبالناس. أما رحمة الله به: فلما خصه الله بوحيه ومَنَّ عليه بما مَنَّ به على أولي العزم. وأما رحمته بوالدته: فلما حصل لها من الفخر, والثناء الحسن, والمنافع العظيمة. وأما رحمته بالناس: فإن أكبر نعمه عليهم, أن بعث فيهم رسولا, يتلو عليهم آياته, ويزكيهم, ويعلمهم الكتاب والحكمة, فيؤمنون به, ويطيعونه, وتحصل لهم سعادة الدنيا والآخرة. " وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا " : فخلق عيسى عليه السلام من غير أب أمر قد قضاه الله ومضى في حكمه وسابق علمه أنه كائن من مريم عليها السلام فنفخ جبريل عليه السلام في جيبها. " فحملته فانتبذت به مكانا قصيا " أي: لما حملت بعيسى عليه السلام, خافت من الفضيحة, فتباعدت عن الناس . " فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ " فألجأها المخاض وهو وجع الولادة إلى جذع النخلة. " قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا " تقول: يا ليتني مت قبل هذا الكرب الذي أنا فيه، والحزن بولادتي المولود من غير زوج. " وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً " : تمنت أنها كانت شيئا نسي وترك طلبه كخرقة الحيض. " فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا " : فنادها جبريل عليه السلام من مكان في أسفل الوادي. قال ابن عباس رضي الله عنهما:“ ناداها جبريل ولم يتكلم عيس حتى أتت قومها ”. " أَلاَّ تَحْزَنِي " : لا تجزعي ولا تهتمي. " قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً " : أي نهرا تشربين منه. " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ " : أي حركي جذع النخلة. " تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً " : أي طريا لذيذا نافعا. قال ابن عباس رضي الله عنهما:“كان جذعا يابسا، فقال لها: هزيه تساقط عليك رطبا جنيا ”. " فَكُلِي " : فكلي من هذا الرطب. " وَاشْرَبِي " : واشربي من هذا الماء. " وَقَرِّي عَيْناً " : طيبي نفسا وافرحي بولادتك لعيسى عليه السلام.
" فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً " : فإن رأيت من بني آدم أحدا يكلمك أو يسائلك عن شيء من أمرك وأمر ولدك وسبب ولادتك له، فقولي إني أوجبت على نفسي لله صمتا ألا أكلم أحدا من بني آدم اليوم. وإنما لم تؤمر بمخاطبتهم في نفي الزنا عن نفسها لأن الناس لا يصدقونها, وليكون تبرئتها بكلام عيسى في المهد, أعظم شاهد على براءتها. فإن إتيان المرأة بولد, من دون زوج ودعواها أنه من غير أحد, من أكبر الدعاوي, التي لو شهد عليها عدة من الشهود, لم يصدق أحد ذلك. فجعلت بينة هذا الأمر الخارق للعادة, أمرا من جنسه, وهو كلام عيسى في حال صغره جدا. فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ: أتت قومها وهي تحمل عيسى عليه السلام بين يديها غير مبالية ولا مكترثة وذلك لعلمها ببراءة نفسها وطهارتها. قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً: قال قوم مريم عليها السلام عندما رأوا الغلام بين يديها: لقد جئت بأمر عجيب وأحدثت حدثا عظيما وأرادوا بذلك البغاء والزنا.
يَا أُخْتَ هَارُونَ: فقد كان في بني إسرائيل رجل مشهور بالصلاح اسمه هارون وليس المقصود هارون أخو موسى عليهما السلام، فقالوا لها يا شبيهة هارون في الصلاح. مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ: أي ما كان أبوك رجل سوء يأتي الفواحش. وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً: أي وما كانت أمك زانية. وذلك أن الذرية - في الغالب - بعضها من بعض, في الصلاح وضده. فتعجبوا - بحسب ما قام بقلوبهم - فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ: فأشارت إلى عيسى عليه السلام أن كلموه، لأنها أمرت عند تكليم الناس لها أن تقول إني نذرت للرحمن صوما.
قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً: قال لها قومها كيف نكلم من وجد في حجر أمه صبيا قد ولد حديثا. قال السديُّ رحمه الله:“ لما أشارت لهم إلى عيس غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا حين تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها. قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ: فخاطبهم بوصفه بالعبودية, وأنه ليس فيه صفة, يستحق بها أن يكون إلها, أو ابنا للإله. " آتَانِي الْكِتَابَ " أي: قضى أن يؤتيني الكتاب
" وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ” وجعلني من جملة أنبيائه,
" وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ " أي: في أي مكان, وأي زمان. فالبركة جعلها الله فيَّ من تعليم الخير والدعوة إليه, والنهي عن الشر, والدعوة إلى الله في أقواله, وأفعاله فكل من جالسه, أو اجتمع به, نالته بركته, وسعد بمصاحبته.
" وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا " أي: أوصاني بالقيام بحقوقه, التي من أعظمها الصلاة, وحقوق عباده, التي أجلها الزكاة, مدة حياتي. وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وأوصاني أيضا, أن أبر والدتي فأحسن إليها غاية الإحسان, وأقوم بما ينبغي له, لشرفها وفضلها, ولكونها والدة, لها حق الولادة وتوابعها.
" وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا " أي: لست متكبرا على الله, ولا مترفعا على عباده
" شَقِيًّا " ولم يجعلني شقيا في دنياي وأخراي, بل جعلني سعيدا في الدنيا والآخرة, أنا ومن اتبعني.
" وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ” أي: من فضل ربي وكرمه, حصلت لي السلامة يوم ولادتي, ويوم بعثي - من الشر, والشيطان والعقوبة. وذلك يقتضي سلامته من الأهوال, ودار الفجار, وأنه من أهل دار السلام. " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق " أي: ذلك الموصوف بتلك الصفات, عيسى بن مريم, من غير شك ولا مرية. بل قول الحق, وكلام الله, الذي لا أصدق منه قيلا, ولا أحسن منه حديثا. " الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ " أي: يشكون فيه ويجادلون في قولهم الكاذب عنه، فمن قائل: إنه الله, أو ابن الله, أو ثالث ثلاثة, تعالى الله عن إفكهم وتقولهم, علوا كبيرا.
إعداد المعلم / محمد عبد الكريم نسمان |
|