بسم الله الرحمن الرحيم
هذا موضوع عن انفلونزا الطيور
ما هو هذا المرض ؟ وكيف ينتقل بين الطيور ؟ وكيف ينتقل إلى الإنسان ؟ وهل له علاج ؟ وما هي طرق الوقاية منه ؟ ولماذا تتخوف السلطات الصحية في العالم من مرض أنفلونزا الدواجن إلى هذا الحد ؟
فيروس أنفلونزا الدواجن ( أفيان )
يمكن أن يصيب فيروس الأنفلونزا بشكل عام أنواعاً كثيرة ومتعددة من الحيوانات مثل الطيور والخنازير والخيول وحتى عجول البحر والحيتان . أما الأنفلونزا التي تصيب الطيور تحديداً فيطلق عليها اسم " أنفلونزا أفيان " أو أنفلونزا الدواجن أو
" الدجاج " ويسمى الفيروس المسبب لها بفيروس أنفلونزا أفيان أو" فيروس أنفلونزا الدواجن " كما اشتهرت به تسميته , واكتسب فيروس أفيان هذه التسمية لأن الدجاج هو أكثر أنواع الطيور الحاضنة لهذا الفيروس والناقلة له .
أنواع الفيروس
الفيروس من عائلة (orthomuxoviridae ) جنس (A ,B ) وأكثرها ضراوة هو جنس (A ) صنف H7 , H5 ومنه النوع القاتل H5NI المكتشف حديثاً في تركيا ورومانيا واليونان وهو حساس جداً للمطهرات والحرارة حيث يفقد ضراوته في درجة حرارة 56 مئوي (خلال ثلاث ساعات ) وفى درجة حرارة 60 مئوي
( خلال نصف ساعة ) ويقضى عليه في درجة حرارة 70 مئوي . يبقى الفيروس حياً وفعالاً في سماد الدواجن لمدة 105 أيام ولمدة 35 يوماً في درجة حرارة 4 مئوية . وفترة حضانته هي 3-5 أيام . استطاع العلماء حتى الآن حصر 15 نوعاً من فيروس أنفلونزا الدواجن وتأكدوا من أن خمسة أنواع فقط منها هي التي تصيب الإنسان , وهذه الأنواع هي HA1,NA2,HA1,HA2,HA3
هذا الفيروس غير مؤذ للطيور في عمومها أي أن الطيور في مجملها يمكن أن تتعايش معه , لكن ضرره وتأثيره الكبير يظهران بصورة واضحة في الطيور الداجنة مثل الدجاج والحبش ( الديوك الرومية ) وبالأخص إذا ما أصيبت بالفيروس من نوع H5 وH7 فإذا ما أصيبت هذه الطيور بهذا الفيروس تظهر عليها أعراض مرضية مثل الايعاء الشديد الذي يصل إلى النفوق المفاجئ قد يصل إلى 100% بالإضافة إلى أعراض أخرى خطيرة مثل :
1- خمول وانتفاش الريش وفقدان الشهية .
2- انخفاض حاد في إنتاج البيض .
3- بيض لين القشرة.
4- تورم الوجه والعرف والدلايات التي تصبح زرقاء اللون.
5- إسهال مانى حاد وشديد.
6- تظهر بقع نزفية داخل دم الطير ( المنقار ) وفى العينين وترافقها إفرازات أنفية وفمية .
7- التهاب شديد في ملتحمة عين الطير المصاب .
8- قد تترافق الأعراض المذكورة سابقاً مع تغييرات مرضية داخل جسم الطير مثل :
- احتقان حاد وشديد في العضلات.
- نشفان حاد.
- التهاب القصبات الهوائية وتجمع حاد للإفرازات في هذه القصبات .
- التهاب حاد في الكلى مع تراكم البولات أو اليورات.
- بقع نازفة في جسم المعدة.
- بقع نازفة وتقرحات في قوانص الطير المصاب .
الفيروس والدواجن
يفضل فيروس أفيان الكمون في دماء الطيور ولعابها وأمعائها وفى أنوفها , ويخرج مع برازها وهنا مكمن الخطورة حيث يجف هذا البراز ويتحول إلى ذرات للغبار يستنشقها الدجاج السليم ثم يستنشقها الإنسان أيضاً .
وعليه فان انتقال العدوى يتم من خلال :
- المياه والأعلاف الملوثة بإفرازات الطيور والرذاذ الصادر من الأنف .
- المعالف والمشارب والأدوات الملوثة .
- السماد حيث يحتوى على الفيروس ويبقى حياً فيه لأكثر من ثلاثة شهور .
- الإنسان ووسائط النقل وذلك بالانتقال من مزرعة إلى أخرى .
- وأكثر طرق انتقال العدوى تتمثل في الرذاذ المتطاير من أنوف الدواجن , لكن الطريقة الأكثر انتشاراً للفيروس كانت عن طريق البراز .
الفيروس والإنسان
تصيب أنفلونزا الدواجن الإنسان خاصة من هو قريب الصلة بتجمعات الدواجن حيث يتبرز الدجاج المصاب بالفيروس تظهر عليه أعراض مشابهة لأعراض إصابته بفيروس الأنفلونزا العادية مثل ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالتعب والسعال ووجع في العضلات , ثم تتطور هذه الأعراض إلى تورمات في جفون العينين والتهابات رئوية قد تنتهي بأزمة في التنفس ثم بالوفاة .
الوقاية من المرض
وتعتمد هذا الأخيرة على التخلص من الفيروس عن طريق :
· التخلص الصحي من القطعان المصابة واتلافها جميعاً بدون أي تردد .
· تطهير الزارع وكل ما فيها من أدوات .
· إبقاء الحظائر خالبة من أية قطعان ولمدة 21 يوماً على الأقل.
· التخلص الصحي من السماد وتجميعه ورشه بالمطهرات ومن ثم حرقه .
· عزل المنطقة التي ظهرت فيها الإصابة وفرض حظر على نقل الدواجن منها .
· عدم السماح للطيور البرية بالدخول إلى حقول الدواجن .
· تربية دواجن ذات عمر واحد في المزرعة .
مضادات الفيروس
أثبتت الدراسات العلمية حتى الآن أن المضادات التي تؤخذ لعلاج الأنفلونزا العادية يمكن أن تؤخذ لعلاج أنفلونزا الدجاج , فمن أين تأتى التخوفات الحالية
إذن ؟. يتخوف العلماء من تحول فيروس أفيان إلى وباء وذلك لمقدرته الهائلة على التحور والاتحاد بفيروس الأنفلونزا العادية الذي يصيب الإنسان , ومن هنا سوف يصبح الانتقال عن طريق العدوى من شخص إلى آخر أكثر سرعة وخطورة من الانتقال عن طريق الطيور خاصة أن الأجسام البشرية لم تنتج حتى الآن مضادات لهذا النوع الجديد من الفيروسات . وفى هذه الحالة ( أي تحور فيروس أفيان واتحاده بفيروس الأنفلونزا العادية واصابة الإنسان به ) فان العالم سوف يدخل أجواء مشابهة لتلك التي عاشها أوائل القرن العشرين حينما تعرف الإنسان على وباء الأنفلونزا لأول مرة وعاش معه سنوات مريرة عبر مراحل مؤلمة من تاريخ هذا المرض والتي جاءت على النحو التالي:
1919 –1918 : الأنفلونزا الأسبانية ( HINI ) تسببت هذه الأنفلونزا في أكبر عدد من الوفيات بسبب هذا الوباء وهو أكبر عدد عرفته البشرية في العصر الحديث حيث مات ما بين 20 و 50 مليون في العالم من بينهم 500 ألف في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها .
1958 – 1957 : الأنفلونزا الآسيوية (H2 N2 ) اكتشف فيروس هذه الأنفلونزا للمرة الأولى في الصين أواخر فبراير / شباط 1957 ثم انتشر على مستوى العالم في العام التالي وتسبب في وفاة أعداد كبيرة لم تتوفر إحصائيات دقيقة عنها , لكن الثابت أنه كان قد تسبب في وفاة حوالي 70 ألف على الأقل في الولايات المتحدة الأمريكية .
1969 – 1968: أنفلونزا هونغ كونغ (H3 H2 ) المشهد الثالث لوباء الأنفلونزا الذي لا يزال في ذاكرة العلماء هو ذاك الذي تسبب في وفاة حوالي 34 ألف شخص في الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتقاله إليها من هونغ كونغ والذي اكتشف فيها للمرة الأولى أواخر عام 1968 .
لقاح أنفلونزا الطيور : جميع الأبحاث العلمية والمختبرات الكبرى في العالم تعكف على تصنيع لقاح مضاد للفيروس و في حال تصنيع اللقاح فانه لن يغطى سوى
2% من السكان بالعالم . كما أعلنت المجر رسمياً أن لقاحاً ثبتت فاعليته بصورة قاطعة وفقاً للنتائج النهائية لاختبارات أجريت على البشر . وأوضح وزير الصحة المجرى جينو راش أن اللقاح تم تجريبه على نحو 100 متطوع كان هو شخصياً من بينهم دواء TAMIFLU : عقار تاميفلو المضاد للفيروس المعروف باسمه العلمي " أوسييلتاميفير oseitamivir "الذي ابتكرته جيلياد ساينسز Gilead ويسوقه حالياً عملاق صناعة الأدوية السويسري روش هولدينجز حيث يتزاحم المواطنون خاصة في دول أوروبا للحصول عليه لأنه الدواء الوحيد الذي أثبتته فعاليته كمضاد للمرض وتجرى محاولات لتطوير أدوية أخرى .
أكل الدجاج المصاب
في معظم الحالات لا يصيب فيروس أنفلونزا الدجاج الإنسان ولكن هناك حالات نادرة حدثت عام 1997 في هونج كونج حيث كانت العدوى في الدواجن والإنسان من نفس الفيروس . إلى الآن لم يثبت بالدليل العلمي القاطع إمكانية إصابة الإنسان بالفيروس عن طريق أكل لحم الطيور المصابة . وان كانت دول الاتحاد الأوروبي ومن باب الأخذ بالحيطة والحذر منعت استيراد الدواجن من البلدان التي ثبت انتشار الفيروس فيها بصورة كبيرة مثل تايلاند وإندونيسيا وتايوان وكمبوديا وباكستان ومنعت استيراد الدواجن من البلدان التي ظهر بها الفيروس مؤخرا ومنها تركيا ورومانيا واليونان . وهناك استعدادات في السعودية لتوفير كميات كبيرة من عقار تاميفلو في موسم الحج القادم تحسبا لأي انتشار للمرض بشكل واسع فيها . وما زالت منظمة الصحة العالمية ومنذ عام 1997 وحتى تاريخ هذا وهى تراقب حالات أنفلونزا الدواجن وحيثما ظهرت في العالم ولم تجد أيا من أصناف فيروس أنفلونزا الدواجن يشكل خطورة على حياة الإنسان بشكل مؤكد وقاطع والله أعلم .
ولا يزال العالم يتابع انتشار هذا الفيروس وهو يحبس أنفاسه متمنيا ألا يعيد المرض تاريخه المقيت ثانية .