عصف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بأحلام كل من الوزير الأول السابق أحمد أويحيى، في الوصول يوما ما إلى قصر المرادية وهو الذي كان يستعد إلى إعلان ترشحه لسباق الرئاسيات القادمة كما أقبر الحلم الذي ظل يراود رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس في العودة يوما ما إلى الرئاسة بعد خسارة الشوط الأول من المقابلة التي خاضها ضد بوتفليقة في العام 2004 بدعم من المؤسسة العسكرية.
وأصابت الضربات المتتالية التي وجهها بوتفليقة لخصومه خلال الأسبوع الماضي الجميع بالذهول، الأصدقاء قبل الخصوم بالنظر إلى ثورية القرارات التي اتخذها بداية من عملية التحييد غير المسبوقة لرئيس جهاز الاستخبارات من خلال القيام بحل العديد من الأجهزة التابعة لجهاز الاستخبارات تنظيميا وإلحاق موظفيها بقيادة أركان الجيش التي يقودها الفريق احمد قائد صالح، المعروف على نطاق واسع جدا بأنه رجل ثقة الرئيس.
تحطم أحلام
التعديلات الأخيرة التي نفذها بوتفليقة «بسلاسة غير مسبوقة» في تاريخ العلاقات بين الرئاسة وجهاز الاستخبارات، مثلت الصخرة التي تحطمت عليها أحلام أويحيى وبن فليس في التتويج رؤساء للبلاد، حيث لا يستطيع صاحب عقل أو دراية بدواليب صناعة رجالات الحكم في الجزائر العلاقة الوثيقة بين أويحيى وأجهزة الأمن، كما عمل بن فليس منذ هزيمة 2004 النكراء في الرئاسيات أمام بوتفليقة في التودد لبعض ضباط المؤسسة العسكرية وبقايا التيار الديمقراطي اللائكي مع إبقاء شعرة معاوية مع جبهة التحرير لاستعمالها ولو جزئيا في تحقيق طموحه.
وتفطن بوتفليقة للسيناريو في المهد وقام في يناير الماضي بوضع الحزب الحاكم في وضع الاستعداد قبل إعادته للعمل في نهاية شهر أغسطس الماضي بتعيين عمار سعيداني على رأس أمانة الحزب في عملية استعراض قوة أثبتت أن الرئيس ليس بالضعف الذي تصوره خصومه في الحكومة وفي الجيش وفي الساحة السياسية الذين كانوا يعتقدون أن الرئيس انتهى سياسيا خلال فترة وجوده بفرنسا للعلاج، وشرعوا في توزيع الأدوار المستقبلية في دولة ما بعد بوتفليقة.
ولا يمكن تصور منافسين محتملين لبوتفليقة في أي موعد انتخابي مقبل خارج الدائرة التي تضم بن فليس وأويحيى وبدرجة اقل رئيس الحكومة السابق مولود حمروش، بالنظر إلى أن الحديث عن تهديد ولو رمزي من مرشح الإسلاميين يبقى من قبيل العبث السياسي، وهي الأسباب التي دفعت بالرئيس إلى الانتفاض في الوقت المناسب ووضع الجميع داخل الزجاجة، ليحقق النصر الذي عجز عنه جميع الرؤساء الذين حكموا البلاد منذ يناير 1992 وهو الحد من دور جهاز الاستخبارات الذي كان في السابق هو الحاكم الفعلي للبلاد.
تحذير من العنف
حذر رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق والمرشح للانتخابات الرئاسية في 2014 احمد بن بيتور من انهيار الدولة الجزائرية وبروز العنف الاجتماعي والإرهاب، وذلك في رد فعله على التغييرات التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكومة والجيش.
وجاء في تصريح مكتوب للصحافة « لقد علمنا بآخر القرارات المتخذة من طرف السلطة، وأود التذكير بانه توقعنا انحراف الدولة الجزائرية نحو العجز والضعف بين عامـي 2001 و2010 .. ثم الانزلاق نحو التميع والانهيار بين عامي 2011 و2020، اذا استمرت البلاد في وضعية اللاحكم مع الاحتمال القوي لبروز العنف الاجتماعي وعنف الإرهاب في آن واحد» .