يستدل من مراجعة كتاب جديد لتدريس التربية المدنية في الكيان الصهيوني (“مواطنون في “إسرائيل”) أن “إسرائيل” تطرح كدولة قومية يهودية بعد تقزيم المركب الديمقراطي في هويتها التي انتحلتها منذ قامت على أنقاض الفلسطينيين .
وتقول د .هليل بينسون من جامعة بئر السبع في دراسة جديدة إن هناك تغييراً بعيد المدى في منهاج التربية المدنية الجديد وتنوه بإخفائه معلومات مهمة .
الدراسة (من دولة يهودية وديمقراطية لدولة يهودية فقط)، تكشف عدم الدقة والانشغال ببناء خطاب إثني وقومي على حساب التربية للديمقراطية .
يشار أن تغيير منهاج التربية المدنية جاء على خلفية انتقادات وجهتها جهات صهيونية على رأسها معهد “الاستراتيجية الصهيونية” لوزارة التعليم والأخذ عليها أنها تربي للديمقراطية أكثر من التربية للقيم الصهيونية واليهودية .
وبموجب المنهاج الجديد للمدنيات لا تعرّف “إسرائيل” بتعريفها المتداول حتى الآن، ك”دولة يهودية ديمقراطية” بل ك”دولة يهودية” فقط .
وعندما يتم عرض المتلازمة “يهودية وديمقراطية” يجري التأكيد على أن اليهودية سابقة على الديمقراطية، ويؤسس المنهاج الجديد نموذج الدولة القومية الإثنية اليهودية كموديل مفضل ووحيد تقريباً .
وبالنسبة لحقوق فلسطينيي ال48 الذين يشكلون 17% في الكيان يعتبر المنهاج الجديد أن للأقليات حقوقاً ثقافية في نطاق جالياتهم وأنهم لا يمتلكون هذا الحق في إطار بلورة هوية الدولة عامة .
وضمن تبريرات تعزيز الدولة القومية اليهودية يشير القيمون على هذا المنهاج إلى اعتبارها “دعامة لصيانة الأغلبية اليهودية” عبر العصور .
وعملا بسياسة فرّق تسد التقليدية، يعتبر المنهاج الجديد فلسطينيي ال48 أقلية دينية وإثنية مبعثرة وليس أقلية قومية .
ويشير د . يوسف جبارين المحاضر في الحقوق والقانون إلى أن “التدخلات السياسية” في جهاز التعليم فظة للغاية وتظهر الانحياز الأيديولوجي لمضامين صهيونية معادية للديمقراطية بخلاف معظم دول العالم، منوها بقيام أوساط صهيونية خارجية صاحبة مصلحة سياسية واضحة بالتدخل بحدة في بلورة خطة تعليمية .
وفي المنهاج الخاص بالطلاب العرب يتم اعتماد رؤية ومضامين صهيونية، وتتجلى بشاعة الانتهاكات للحقوق الثقافية باعتماد المصطلحات الصهيونية ك”حرب التحرير” بدلاً من النكبة التي يحظر استخدامها . وكذلك في التسميات اليهودية للمكان بدلاً من التسميات الفلسطينية، فبحيرة طبريا “يام كنيرت” ونهر العوجا يرد ك”نهر اليركون” وجبل فقوعة أصبح جبل “الجلبوع” ومدينة صفد استبدلت ب”تسفات” وبيسان “بيت شان” .
ويؤكد جبارين أن المنهاج الجديد يعطي شرعية من بدايته للاحتلال والترانسفير، مشيراً لما يتضمنه الفصل الأول منه . ويعتبر هذا الفصل أن مساحة “الدولة” تقررت بطرق مختلفة، بينها اتفاقات سياسية واحتلال وانفصال عن دول أخرى، ما يعني وضع الاتفاقات السياسية والاحتلال على قدم المساواة من حيث الشرعية .
ويؤكد جبارين أن وزارة التعليم “الإسرائيلية” تعود بالسنوات الأخيرة لسياسة أسرلة فلسطينيي ال48 والسيطرة عليهم والتحكم بهم من خلال مناهج التعليم الرامية لتشويه هويتهم القومية وبناء “العربي “الإسرائيلي””، داعياً لتأسيس مجالس تربوية أهلية بغية التصدي لسياسة تهويد وصهينة مضامين التعليم حتى في المدارس العربية الرسمية .