أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن مصر “شريك حيوي” وأن الولايات المتحدة ستستمر في تعاونها مع الحكومة المصرية المؤقتة، مؤكداً أن العلاقات المصرية ـ الأميركية لا تحددها المعونات فقط، وأن قرار حجب تلك المعونات ليس عقاباً، لكنه يعكس القانون الأميركي.
وشدد كيري، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري نبيل فهمي، على أن العلاقة بين مصر والولايات المتحدة لا تحدد فقط بالمساعدات، فهناك أمور أكبر تحدد هذه العلاقة، لكني أوضح أن الولايات المتحدة ستستمر في تقديم الدعم الذي تحتاجه مصر في مجال الصحة والتعليم والقطاع الخاص، وسنستمر في مساعدة مصر لتأمين حدودها ومكافحة الإرهاب، خاصة في سيناء، وقال “أعدت التأكيد على أننا سنستمر في العمل عن كثب مع مصر والكونجرس فيما يتعلق بمساعداتنا السياسية خلال الأشهر المقبلة”.
وأكد أن الشراكة بين واشنطن والقاهرة ستكون أقوى عند إقامة حكومة مصرية مدنية ديمقراطية، مضيفاً أن قرار حجب المعونة ليس عقاباً لكنه يعكس القانون الأميركي، ونحن ملتزمون باستمرار المساعدات التعليمية والتطوير الاقتصادي للشعب، وبعد إتمام الدستور وعدتنا الحكومة المصرية بالمضي قدما في تنفيذ خريطة الطريق، وهذا ما تبنى عليه علاقتنا.

وقال كيري فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر “نتطلع للمضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق وسنستمر في تعاوننا مع الحكومة المصرية المؤقتة، ولا يسعني إلا أن أؤكد بشدة على العلاقة ما بين تقدم مصر في تحولها الديمقراطي ونجاحها الاقتصادي الكلي، فقد أثبت التاريخ مراراً وتكراراً أن الديمقراطيات أكثر قابلية للاستمرار والازدهار أكثر من أي خيار آخر، ومستقبل الشباب في مصر هو الديمقراطية”.
وأضاف أنه “في الديمقراطيات تلعب المؤسسات الحكومية دوراً مهماً في الاستقرار والذي معه تأتي الوظائف والاستثمارات. وأرحب بإعادة تأكيد وزير الخارجية المصري على التزام الحكومة المؤقتة بـ “خريطة الطريق” التي ستدفع مصر إلى الأمام في الديمقراطية”.
وأوضح أن زيارته لمصر في هذه اللحظة هي بهدف التحدث عن مستقبل الشرق الأوسط ومستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر، مضيفاً “نريد لمصر النجاح، لأن نجاحها السياسي والاقتصادي مهم ليس فقط للمصريين بل للولايات المتحدة والمنطقة والمجتمع الدولي، فمصر شريك حيوي لأميركا في هذه المنطقة، وهي تلعب دوراً رئيسياً مهماً كقائد سياسي وثقافي في الشرق الأوسط، ولنكن صريحين فإن ما يحدث هنا مهم جداً للولايات المتحدة وسائر الشرق الأوسط”.
وتطرق كيري إلى أعمال العنف التي تشهدها مصر، قائلاً إن أعمال الإرهاب في مصر لابد أن تنتهي، والولايات المتحدة تندد بجميع أعمال العنف سواء ضد الكنائس والمصلين أو قوات الشرطة أو في سيناء.
وقال انه اتفق ونظيره المصري على “إعطاء المصريين الحق في محاكمات عادلة شفافة، على أن يقوم الشعب بضبط النفس واعتياد المساءلة على أعمال العنف”.
من جهته، قال فهمي “نرحب بزيارة جون كيري إلى مصر في مرحلة تمر بها المنطقة بتطورات حساسة وتحتاج إلى تواصل دولي”. وقال إن العلاقات المصرية الاميركية في مرحلة اضطراب وحديث كيري في الجلسة المغلقة عن دعم الولايات المتحدة للشعب المصري وخريطة الطريق ما هي إلا مؤشرات تسعى من خلالها إلى استئناف العلاقات بالشكل الإيجابي المعتاد وسنعمل سويا في هذا التوجه.
وأوضح أنه “منذ أيام قليلة” وصفت العلاقات المصرية الاميركية بأنها تمر بمرحلة اضطراب (ولكن) “أظن أن حديث وزير الخارجية الاميركي اليوم في الجلسة المغلقة وحديثه الآن عن دعم الولايات المتحدة للشعب المصري كلها مؤشرات أننا نسعى جميعا لاستئناف العلاقات الطبيعية في شكلها المعتاد وإننا نسير نحو هذا التوجه”.
وفي الإطار نفسه أكد كيري موافقة بلاده على العرض الذي طرحه الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور على نظيره الأميركي باراك أوباما بفتح حوار استراتيجي بين البلدين، وقال إن الرئيس عدلي منصور اقترح على الرئيس أوباما البدء في حوار استراتيجي بين البلدين، ويسرني بالنيابة عن أوباما القول إننا نقبل هذه الدعوة وسندخل في الحوار الاستراتيجي، فمصر لطالما كانت رائدة لهذه المنطقة حتى من قبل الولايات المتحدة.
من جانبه قال الرئيس المؤقت عدلي منصور خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي إن مصر تؤمن بأهمية إعادة تقييم علاقتها بالولايات المتحدة في المرحلة الحالية، مشيرا إلى أن العلاقات الثنائية المصرية الأميركية “لا يجب ولا يليق اختزالها في ملف المساعدات، فالمساعدات هي جزء من المصالح المشتركة بين البلدين التي هي أشمل وأكبر من ذلك بكثير”. وأشار منصور إلى الحرب التي تخوضها مصر ضد “الإرهاب” بصفة خاصة وما تواجهه من تحديات أمنية بصفة عامة و”إلى ما بدا من إغفال للمجتمع الدولي لما تواجهه مصر من أعمال عنف وإرهاب في أعقاب ثورة 30 يونيو”، موضحا أن العالم اليوم بات يدرك بشكل أكثر وضوحا ما جرى وما يجري في مصر.
من جانبه قال كيري إن الولايات المتحدة تعلم أن مصر تواجه مخاطر أمنية في غاية الخطورة، مستشهدا في ذلك بمحاولة اغتيال وزير الداخلية. وأشار إلى حرص الولايات المتحدة إلى أن يتحقق الاستقرار في مصر في أقرب فرصة، وأنها ستسعى للإسهام في تحقيق ذلك.
وأكدت الرئاسة المصرية، في تعليق لها بعد لقاء الرئيس منصور وكيري أمس، حرص مصر على العلاقات الثُنائية والمصالح المُشتركة مع الولايات المُتحدة بقدر حرصها عليها. وقال المتحدث الرئاسي السفير ايهاب بدوي “إننا نُرحب بدعم ومُساندة من يؤمنون بمبادئنا وثورتنا في حربنا ضد الإرهاب” مؤكدا أن القرار المصري بعد 30 يونيو مصري خالص ويتأسس على الإرادة الشعبية.
كما بحث الفريق أول عبدالفتاح السيسي، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، مساء أمس واقع العلاقات المصرية ـ الأميركية وإمكانات تطويرها. وقال مصادر صحفية في الموقع الالكتروني لصحيفة اليوم السابع إن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبد الفتاح السيسي بحث مع كيري العلاقات المشتركة بين البلدين، والتأكيد على الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات المصرية - الأميركية وضرورة العمل على دعمها وتطويرها.
ووصل كيري الى القاهرة ظهر أمس في أول زيارة يقوم بها إلى الحليف العربي المهم للولايات المتحدة منذ إطاحة الرئيس المعزول محمد مرسي، وقبل ساعات فقط من بدء محاكمة الرئيس المعزول، بهدف إعادة تعزيز العلاقات بين واشنطن ومصر حليفة الولايات المتحدة منذ وقت طويل.