بسم الله الرحمن الرحيم
العلم أساس الحضارة
يقول الشاعر : العلم غيث والأخلاق تربته إن تفسد الأرض تذهب نعمة المطر
العلم .... كلمة تسكب في النَّفْسِ دَفَقَاتٍ من الأمل الذي يرسم معالم الطريق صوب النجاح في الحياة ... تخيل معي القارئ لو أن الحياة خلت من العلم والمعرفة والثقافة ماذا كان سيحصل ؟ حتمًا لتوقفت كل مظاهرها ، وتعطلت حركتها ، ولَبَادَت حضارات وامَّحَتْ دول ، ولأصبحنا نعيش في مجتمع أشبه بالغابة .
ولكن ..... ما هو العلم ؟ ما حقيقته ؟ وهل هو حكر على العلوم الدنيوية ؟ أم أنه يشمل علم الدين الدنيا ؟
لا شك أن معنى العلم لا يقف عند حدٍ معين ، بل هو جامعٌ وشاملٌ كل ما من شأنه أن يدفع الجهل عن الإنسان ، ويضعه في الطريق الصحيح يمزج له الدنيا بالآخرة ، فالعلم يدخل تحت هذا المضمون ... فهو : علم في الدين والدنيا ، في المدرسة ، في البيت في الشارع في الجامعة في كل مكان ، وفي كل الفروع في اللغة في الأدب في الفيزياء ، الكيمياء ، الطب الجغرافيا ، الفلك ، التاريخ .......... الخ
وقد نتساءل : هل ينفع العلم بدون أخلاق ؟ حتما لا وقد صدق الشاعر إذ يقول :
ولا تحسبن العلم ينفع وحده إن لم يتوج ربه بخلاق
كما أنه مقرون بالمال أيضا ، فما أروع قول الشاعر أحمد شوقي :
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يُبْنَ ملكٌ على جهلٍ وإقلال
إنّ الحديث عن العلم يقودنا إلى الحديث عن فضله ومكانة العلماء ... وفي هذا الصدد يشير الرسول (r) في أحاديث كثيرة إلى أنّه من يمشي في طريق العلم فإن الله سيوفقه إلى الأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنة ، وإن الملائكة تحمل طالب العلم على أجنحتها ، فَينال مطلوبه بتيسير الله تعالى . وإنَّ كُلَّ من في الأرض من الملائكة وأهل الإيمان والإسلام ، وحتى الحيتان في جوف المياه تستغفر لطالب العلم. يقول (r) : من سلك طريقاً يلتمسُ فيه علماً سَهَّلَ الله له طريقاً إلى الجنة..... وفضلُ العالِم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماءَ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما وَرَّثوا العِلْم، فمن أَخَذَهُ أخذ بحظٍّ وافر " وصدق الله العظيم إذ يقول : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ، كما أنَّ الله أكّد على أنّ العلماء أكثر الناس خشية من الله إذ يقول { إنما يخشى الله من عباده العلماء }
وأخيرًا نتوّج حديثنا بقول الإمام الشافعيّ :
ففز بعلم تعش حياً به أبداً الناس موتى وأهل العلم أحيـاء
ويقول تعالى في كتابه العزيز :
{ وقل ربّ زدني علمًا }