معرفة طبيعة وروح الموسيقى العربية، سيكون من خلال التعرف على بعض القوالب الفنية التى صب العرب فيها موسيقاهم، مثل: الموشحات والقصائد والدور والطقاطيق والبشارف والسماعي واللونجا..
وتنقسم تلك القوالب إلى مؤلفات غنائية هي الموشح والدور والقصيدة والطقطوقة، ومؤلفات آلية هي البشارف والسماعي واللونجا..
وسنتعرف عليها جميعاً من خلال كتاب "تاريخ وتذوق الموسيقى العربية" للدكتور خيري الملط (الهيئة المصرية العامة للكتاب - الطبعة الأولى 2000)..
الموشح
يُعَدُّ الموشح من أشهر المؤلفات الغنائية التقليدية، وقد نشأ في الأندلس منذ أكثر من ألف عام، وهو أغنية جماعية سُمِّيت بهذا الاسم نسبة إلى الوشاح الذي كانت تتزين به المرأة في هذه الفترة، لتشابههما في التحلي بالزخارف..
كان الموشح يُكتب باللغة العربية الفصحى، ثم بدأت الألفاظ العامية تدخل فيه، وهو لا يرتبط بميزان شعري واحد مما يضفي عليه حرية التلوين.. وقد ابتكر الموشح في الأندلس "مقدم بن معاف القبري" و"عبادة بن القزاز".. وأدخل المصريون في القرن 19 إلى الموشح بعض الألفاظ التركية مثل: أمان – عمرم - جانم..
يتكون الموشح عادة من 3 أقسام هي:
البدنية: وتمثل بدن الموشح أو جسمه.
الخانة: وتصاغ ألحانها من الدرجات العالية الحادة، وذلك لإظهار براعة المغنى المنفرد (الصوليست) مع مجموعة المنشدين.
القفلة: وهو نفس لحن البدنية، ولكن مع اختلاف الكلمات والمعاني.
وأحياناً نجد بعض الموشحات تتكون من بدنيات فقط.
الــــــدور
هو من أغنى مؤلفات التراث العربي عمقاً، فهو يحتاج إلى خبرة في التأليف وبراعة في الأداء..
ويتكون الدور من جزأين هما:
المذهب: ويصاغ عادة في وزن المصمودي الكبير.
الغصن: والأغصان هي ما تلي المذهب.
وعادة يُغني المذهب مجموعة من المنشدين، وينفرد الصوليست بأداء أجزاء الغصن، ثم يتناوب الصوليست والمنشدون الغناء بالآهات.. كما يشترك المنشدون في ترديد بعض مقاطع الغصن بنغمات مختلفة، ويطلق عادة اسم "الهنك" على هذا التناوب.
القــصيدة
هي من أرقى الأنواع في مؤلفات تراث الموسيقى العربية، وكانت قاصرة على القصائد الدينية حتى منتصف القرن 19، ثم امتدت لغيرها من القصائد.
وقد التزمت القصيدة منذ نشأة الغناء العربي بقافية واحدة، وتخضع لبحر واحد من بحور الشعر، وتتكون القصيدة من سبعة أبيات على الأقل، ويتألف كل بيت من شطرين (صدر وعجز)، وينفرد المطرب بالغناء في القصيدة.
ويبدأ تلحين القصيدة في أحد المقامات الموسيقية، ثم تنتقل فقراتها من الأشعار بين مقامات قريبة من المقام الأصلي، حيث يستعرض الملحن قدرته في إخضاع الشعر للألحان والجمل الموسيقية التى تعود في النهاية إلى المقام الأصلي، وعادة ما تصاغ القصيدة في ميزان كبير بسيط.
الطقطوقة
ظهرت الطقطوقة في أوائل القرن العشرين، ولاقت إقبالاً كبيراً لتميزها بالبساطة، فلحنها رشيق سلس، كما أنها تكتب زجلاً وتعكس مظاهر الحياة الاجتماعية والسياسية في المجتمع..
والطقطوقة لها صور مختلفة في تلحينها.. كأن يكون للطقطوقة لحن للمذهب وللأغصان.. أو ينفرد المذهب بلحن مختلف عن لحن الأغصان.. أو يصاغ المذهب بلحن، ويصاغ كل غصن بلحن مختلف عن لحن المذهب وعن ألحان الأغصان الأخرى.. أو إدخال المقدمة الموسيقية واللزمات ضمن تلحين الطقطوقة.
البشارف
البشرف كلمة فارسية معناها "المقدمة"، وهو مؤلف موسيقى ذو صيغة مقيدة، وهو من أطول المؤلفات التقليدية في التراث العربى، ويذخر البشرف بالجمل الموسيقية ذات القيمة الفنية العالية، ويصاغ البشرف عادة في الموازين الإيقاعية الكبيرة البسيطة، وغالباً ما يكون في ميزان 4/4.
وقالب البشرف يتكون من أربعة أقسام رئيسية تسمى كل منها "خانة"، ويفصل بين كل خانة وأخرى جزء أصغر يسمى "التسليم".
والتسليم كلمة تركية الأصل، ويصاغ التسليم في جمل موسيقية رشيقة، وعادة ما تنتهي على درجة الركوز أي أساس المقام، مما يجذب أذن المستمع ويشد انتباهه.
السماعي
يُعَدُّ السماعي من المؤلفات الآلية العربية ذات الصيغة المقيدة، وهو يتكون من أربع خانات وتسليم، مثل البشرف، ولكن في صورة مصغرة، كما يختلف السماعي عن البشرف في صياغة الإيقاعات، حيث يصاغ السماعي في الإيقاعات العرجاء مثل السماعي الثقيل 8/10 ..
ويتميز التسليم بجمل رشيقة تنتهي عادة في أساس التسليم.
اللونجا
هي من المؤلفات الموسيقية الرشيقة والخفيفة وتصاغ غالباً في ميزان بسيط 4/2.. وقد تصاغ في ميزان 8/6 وهو ميزان ثنائي مركب..
واللونجا ذات طابع سريع نشط، وتعتمد ألحانها على الفقرات الموسيقية التى تبرز مهارة العازف وقدرته على الأداء الجيد..
ويتكون فورم اللونجا عادة من أربع خانات وتسليم، فهي صورة مصغرة من البشرف، وقد تصاغ أحياناً من ثلاث خانات فقط على أن تحل الخانة الأولى محل التسليم والختام.
منقول بتصرف للفائدة