لا يخفى على ذي علم أنَّ أطفال اليوم هم رجال الغد ونساؤه، وأنَّ الطفل قد منحه الله عقلاً يستوعب، ونفسًا تواقة للمعرفة، وميلاً كبيرًا إلى القيم، وهو يمتلك من الانتباه والتذكر ما يجعله مستفيدًا مما يلقى عليه أو يشاهده؛ لذا لا ينفع معه إلا كل تربية فاضلة خالية من التناقض بين القول والفعل، وبين الواقع والحقيقة.
لعب وجد وعلم
وقد أودع الله في نفس الطفل قدراتٍ هائلةً إن لم تستغل جيّدًا في أوانها فإنه لن يستفيد منها ما أحياه الله.
وما دام الطفل بهذه الإمكانات، فنحن نريده طفلاً يعيش طفولته لعبًا، ولكن ذلك اللعب الهادف الآمن، وبراءةً فلا يحجر على أسئلته ولا يُعاقب عليها، وتُقدَّم له المعلومة صحيحة ومناسبة لعمره، وإشباعًا عاطفيًّا في أسرته، وتنميةً لعضلات جسمه حسب مرحلة العمر، واعتبارًا لذاته فهو يشعر أنه مهم، وأنه يستشار، وأنه يختار.
الطفل الذي يربى على ما ذُكر يمكن أن نتوقع منه أن يخرج إلى المجتمع شابًا يافعًا، له شخصيته القوية، ويحسن اختيار الأمور التي تعرض له، متوازن الشخصية، متحليًا بالقيم، لا ينخدع بسراب عاطفة، ولا ينجرف في أي تيار.
حياته عطاء، ووقته نماء، أعماله خيِّرة ونواياه طيّبة، يحبُّ دينه، ويمشي على هديه، ملتزمٌ بصلواته راضٍ لوالديه محبٌّ لإخوته ولجيرانه وأهله، مؤمن بقضاء الله وقدره.
يحدد هدفه السامي ويسعى لتحقيقه، لا يعرف الانكسار مهما يخفق، يحاول، وإن لم يفلح في الأمر يتحوَّل إلى غيره، ففي معطيات الحياة متسع، يعترف بمقدرته، وينمي ما لديه من قدرات، يأنف الفحشاء ويسعى إلى العلياء، يهتم بأموره الشخصيّة، ولا ينسى أهله وأمته ووطنه وواجبه تجاههم.