انتهت أزمة خطف جماعة اسلايمة متشددة عشرات الرهائن الغربيين ومئات الجزائريين في منشأة للغاز في الصحراء جنوب شرقي الجزائر نهاية مأسوية أمس، بعدما قامت قوات خاصة جزائرية باقتحام المجمع الذي يُحتجز فيه الرهائن في محاولة لإنقاذهم. ولكن في حين أعلنت السلطات الجزائرية إنقاذ 600 من الموظفين الجزائريين و4 من الأجانب المحتجزين في منشأة تيقنتورين في عين أمناس بولاية إليزي قرب الحدود الليبية، قال الخاطفون الذين ينتمون إلى كتيبة «الموقعون بالدم» بقيادة مختار بلمختار (الملقب بـ «الأعور) إن طائرات جزائرية قصفتهم مما أدى إلى مقتل 34 من الرهائن الأجانب و15 من المسلحين بينهم قائدهم «أبو البراء».
ولم يكن واضحاً حتى المساء ما إذا كانت عملية تحرير الرهائن تمت بناء على قرار مسبق أم أنها تمت فقط بعدما حاول الخاطفون نقل الأجانب بسيارات رباعية الدفع من مكان احتجازهم إلى مكان آخر. لكن محاولة إنقاذهم أبرزت تبايناً في الرأي بين الحكومة الجزائرية وأطراف أجنبية لها مواطنون كانوا ضمن الرهائن وربما ماتوا. فقد أعلنت لندن أن رئيس الوزراء ديفيد كامرون تبلغ بهذه العملية بعد بدئها، وذلك خلال اتصال هاتفي مع نظيره الجزائري عبدالمالك سلال. وأضاف ناطق حكومي أن «الحكومة الجزائرية على علم بأننا كنا نفضل لو تم الاتصال بنا مسبقاً»، كاشفاً أن بريطانيا عرضت المساعدة على الجزائر لكنها رفضت.
كذلك قال جاي كارني الناطق باسم الرئيس باراك أوباما «بكل تأكيد إننا قلقون حيال المعلومات عن وقوع خسائر في الأرواح» في اثناء العملية، مضيفاً «اننا نحاول الحصول على توضيحات من الحكومة الجزائرية». وكشف مسؤول أميركي آخر أن الولايات المتحدة أرسلت طائرة تجسس بلا طيار (درون) فوق منشأة الغاز التي احتُجز فيها الرهائن، في تنسيق واضح مع السلطات الأمنية الجزائرية.
أما الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فعبّر عن قلقه حيال المنحى المأسوي الذي اتخذته عملية احتجاز الرهائن في الجزائر، مؤكداً أن السلطات الجزائرية تطلعه بانتظام على تطورات الوضع. لكنه لفت إلى أنه ليس لديه ما يكفي من عناصر للإدلاء بتقويم، مشيراً إلى أن ما يحصل في الجزائر يبرر مجدداً القرار الذي اتخذه بالقيام بعمليات عسكرية ضد «المجموعات الإرهابية» في مالي.
ونقلت وكالة نواكشوط للأنباء عن ناطق باسم الخاطفين: «قُتل نحو 34 رهينة و15 من خاطفيهم في قصف الجيش الجزائري» على المنشأة، مؤكداً مقتل «أبو البراء» قائد المجموعة التي نفذت الهجوم فجر الأربعاء واحتجزت خلاله 41 اجنبياً وعشرات الجزائريين رهائن. وقال الناطق إن الخاطفين كانوا يحاولون «نقل قسم من الرهائن الى مكان أكثر أمناً على متن حافلات» حين تدخل الجيش جواً ما أدى الى «مقتل رهائن وخاطفين في الوقت نفسه».
لكن وكالة الأنباء الجزائرية أشارت من جانبها إلى أن الجيش تمكن الخميس من تحرير 600 جزائري من عمال المجمع الذي يعمل فيه قرابة 700 شخص غالبيتهم من الجزائريين الموظفين في شركات «بي بي» البريطانية و «ستات اويل» النروجية و «سوناطراك» الحكومية الجزائرية.
وذكر مصدر مطلع على الشؤون الأمنية لـ «الحياة» أن خطة التدخل لتحرير الرهائن «اقتضت التمويه بتوجيه ضربات جوية إلى أحد أجزاء المجمع لجلب المقاتلين الذين كانوا يحتمون بأسوار المنشأة حتى يتم تحديد مواقعهم». وأضاف: «لقد استُعمل القصف للتمويه عن تسرّب أفراد من قوات النخبة (تتبع جهاز الدرك) إلى داخل المنشأة حيث وقعت مواجهة مباشرة بين الطرفين». وفور دخول قوة الكوماندوس الجزائري إلى المنشأة حاول مسلحون الفرار إلى خارجها بواسطة سيارتين رباعيتي الدفع. وفي هذا الإطار، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأنه تم إطلاق النار على السيارتين «وعلى متنهما عدد غير محدد من الأشخاص». وذكرت الوكالة الرسمية أن عملية تحرير الرهائن التي كانت متواصلة حتى بعيد الظهر وخلّفت «ضحايا عدة» من دون تحديد العدد، أشارت إلى أن اشتباكاً عنيفاً «جرى بالقرب من قاعدة الحياة» في موقع منشأة الغاز في تيقنتورين.
وأعلنت مصادر مطلعة أن قوات الأمن تمكنت في البداية من تحرير أربع رهائن أجانب خلال عملية الاقتحام، وبينهم اثنان من اسكتلندا وكيني وفرنسي. كما أعلنت السلطات الإرلندية تحرير إرلندي من مدينة بلفاست كان يسافر بجواز إرلندي.
وأوردت وكالة نواكشوط للانباء الموريتانية الخاصة أن كتيبة «الموقعين بالدماء» التي اسسها مختار بلمختار المكنى «خالد ابو العباس» اكدت في بيان «اننا في كتيبة الموقعون بالدماء نعلن عن قيامنا بغزوة مباركة رداً على التدخل السافر للقوات الصليبية الفرنسية في مالي وسعيها لخرق نظام الحكم الاسلامي في ازواد» (شمال مالي).