غزة-فراس برس:التقى الإعلامي والقيادي في حركة فتح نبيل عمرو بعدد من وسائل الإعلام المحلية في قطاع غزة، على هامش توقيعه على كتابه " ياسر عرفات وجنون الجغرافيا" الذي حضره ثلة من المثقفين وكتاب الرأي والسياسيين، في فندق الكومودور غرب مدينة غزة، واطلع عمرو الصحفيين على واقع الوضع السياسي للسلطة الوطنية ومنطمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، والعلاقات الدولية والوطنية وما هو المطلوب من قبل حركة فتح لكي تدخل معترك الانتخابات القادمة.
وجاء في حديث عمرو بداية عن واقع حركة فتح والصراعات التي تعصف بها، وأثرها السلبي على وحدة الحركة، ومصيرها، بدون أن يسمي أطراف الصراع وشخصياتها، ولكنه أكد على أنه تنامى الى مسمعه وجود وساطات بين أطرف الصراع داخل الحركة لرأب الصدع واستعادة وحدة الحركة، ولكنه أكد عمرو على ضرورة انهاء حركة فتح أجواء توترها الداخلي والالتفاف حول الحركة، وتوحيد أطرها والتحضير من اليوم للمؤتمر العام السابع .
وتطرق عمرو الى العلاقات الوطنية الداخلية، وقال أن الحديث عن المصالحة سواءً طال ام قصر لم يعد ذوي اهتمام عند عموم ابناء الشعب الفلسطيني، لأن الاطراف التي تدير لقاءات المصالحة فقدت مصدقيتها لدى الجميع، ولم يعد أحد يكترث لما يجري في هذه اللقاءات، لأن كثرة الوعود وغزارة التوقعات من انهاء الانقسام، اصطدمت أكثر من مرة بالفشل، وفي كل لقاءات جديدة يتم العودة حتى الى الملفات التي تم التوافق عليها، وكأن هذه اللقاءات أصبحت بزنس عند البعض، فهناك فريقان في المصالحة، فريق يريد تحقيقها فعلاً ولكنه لا يملك قوة التطبيق وفريق لا يريد تطبيقها ولكن يريد إدارة الحوارات واللقاءات عنها وهذا فريق متنفذ ويمسك بزمام الامور .
وعن انطلاق حركة فتح في قطاع غزة، قال عمرو أن المليونية شكلت "صدمة" لدى البعض، وكل حاول أن يدير هذه المليونية بشكل يتناسب مع أهوائه الشخصية، وهي غير مؤثر فيها بالمطلق، وعليه نقول أن هذه الجماهير التي خرجت تبحث عن قيادة حقيقية لها، و جماهير فتح متمسكة بحركتها ولكن قيادة الحركة لم تستدل بعد على وسائل التمسك بجماهير الحركة .
وعن زيارة الرئيس الامريكي باراك أوباما للمنطقة، قال عمرو أنها تحمل أملاً ولا بد لنا من تشغيل آلة الامل في هذه الزيارة، لأن القضية الفلسطينية تحتاج لهذا الأمل في الوقت الذي اصطدمت فيه المفاوضات بالتعنت الاسرائيلي، وحكومة نتنياهو التي عملت جاهدة وتعمل على زيادة رقعة الاستيطان، مستغلة الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومساحة "التطنيش" الامريكي لشئون المنطقة، والانشغال بقضايا بعيدة عن القضية الفلسطينية، وأكد عمرو أن لا خيار بديل عن المفاوضات مع الاحتلال سوى المقاومة السلمية، وهذه المقاومة يجب أن تكون رافدة لقوة المفاوضين وليس بديلاً عن أي مفاوضات جدية، وقال عمرو أن من المفترض أن تشكل زيارة أوباما حراكاً حقيقاً في العملية السلمية .
وعن تدخل أمريكا بتعطيل المصالحة الفلسطينية أكد عمرو على أن أمريكا ليست ضد المصالحة، والفلسطينيون أصحاب القرار بهذا الملف، وقادرون على فرضه حتى على اسرائيل اذا ما صدقوا .
وفي ملف العلاقات الوطنية أكد عمرو على ضرورة تجديد الشرعيات، الثلاث، الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، والخروج من حالة الركود التي يعيشها الوضع الفلسطيني اليوم ومنذ سنوات .
ونفى عمرو جملة وتفصيلاً أن يكون قد صرح لصحيفة الرسالة التابعة لحركة حماس أنه قال اذا حماس خاضت الانتخابات ستفوز فوزاً كاسحاً وأكد على أن تصريحاته خرجت عن سياقها وراجع الصحفي الذي أخذ منه التصريح، مؤكداً على أن أي فصيل مهما كانت قاعدته الجماهيرية مؤثرة لن يفوز فوزاً كاسحاً، كما نفى ما جاء على لسانه أنه قال أن الاسلاميين ظلموا ولم يحصلوا على فرصته الكاملة ليثبتوا قدرتهم على الحكم، وقال هذا الكلام مفترى عليه ولم يصرح به .
وعن المؤتمر العام السادس قال عمرو أن المؤتمر شهد خروقات ولم نعترض وقتها لكي نعطي الجيل الشاب فرصة لكي يثبت وجوده وها نحن في السنة الرابعة من بعد المؤتمر والوقائع تقول أن ما افرزه المؤتمر من اسماء في حركة فتح لم تكن كما كان مرجو منها، ولذا بقية سنة واحدة حسب النظام الداخلي للحركة، ولا بد من التحضير للمؤتمر السابع حتى يفرز اسماء تليق بحركة فتح وتاريخها وتضحياتها .
وبسؤال عن المفاوضات قال عمرو :" يجب أن يكون مؤسسة وطنية وعلى رأسها الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني، ومهمة هذه المؤسسة إدراة المفاوضات، تقرأ من هو معروض عليها وترد على هذه العروض بشكل مؤسساتي ووطني، نابع من دراسة وتمحيص ودراية كاملة بجميع الخيارات المطروحة، والقول يجب اغلاق جميع الطرق المؤدية للمفاوضات كلام غير مقبول بالمطلق، بل يجب أن يكون خيار التفاوض مطروحا ولكن بتحديث وسائل ادارة هذه الملف الشائك والصعب، وايجاد خيارات أخرى كمقاومة سلمية تقوي وتعزز مواقف مؤسسة المفاوضات أمر يجب أن نستخدمه بشكل يخدمنا من أجل تحقيق أهدافنا من هذه المفاوضات .
وعن الربيع العربي قال عمرو أن هذا الربيع أوجد قضايا موازية للقضية الفلسطينية، ولن يتفرغ أحد لفلسطين لطالما بقية هذه القضايا الحديثة تغلي وتشغل أصحابها، ولكن علينا كفلسطينيين أن لا نسمح بإضاعة القضية الفلسطينية في خضم الانشغال بالقضايا الاخرى، وعلينا أن نبقي قضيتنا مؤثرة ومطروحة على المسرح الدولي والاقليمي، وهذا يتطلب جهود فلسطينية سياسية واجتماعية واعلامية قادرة على ابقاء القضية الفلسطينية في دائرة الاهتمام .
وعن قضية الاسرى قال عمرو أن الرئيس ابو مازن أعلن تمسكه بحل هذه القضية مع وقف الاستيطان كشرطين للعودة الى المفاوضات، ويقصد بإطلاق سراح أسرى ما قبل أوسلو، وأكد عمرو على ضرورة ابقاء قضية الاسرى مثارة جماهيرياً وسياسياً بل وإخراجها من الجغرافيا الوطنية الى العالم بأسره لكي يتم تشكيل قوة دولية قادرة ومؤثرة وضاغطة على اسرائيل لكي تنهي هذا الملف الحساس والأهم في حياة شعبنا .
وعن وضع السفارات بالخارج قال عمرو :"العالم أجمع بحالة تعاطف مع القضية الفلسطينية، وخاصة أوروبا وأمريكا، وهذا برز في التصويت الكاسح على الدولة المراقب للأمم المتحدة، وهذا الجهد الدولي لم يأتي من فراغ، بل بجهود سفراء فلسطين في الخارج، وهناك حوالي 120 سفارة لفلسطين حول العالم وهي تشكل قوة ضغط وحالة سياسية، ومسار نجاح او فشل أي سفارة مقيد بقدرة السفير وطاقمه وكفاءتهم في تحقيق أهداف السفارة، وهناك سفراء يخلقون من لا شيء أشياء تخدم فلسطين، وهناك سفراء يتكلون على ميزانية السفارة ولا يفعلون من أجل فلسطين شيئاَ ويتخذون من منصبهم ممراً للكسب، وعلى أي حال أقول أن الدبلوماسية الفلسطينية تراجعت كثيراً عما كانت عليه في القرن السابق، وتحتاج الى مراجعات حقيقية من زاوية المصلحة الفلسطينية العليا .
وركز عمرو في نهاية لقائه مع بعض وسائل الاعلام الفلسطينية على ضرورة التركيز على تطوير الاداء الاعلامي الفلسطيني، واعتبر منع دخول الصحافة الى قطاع غزة نوع من انواع قع الحريات، وقال أن قطاع غزة لا يوجد فيه إعلام ولا صحافة، والاعلام في الضفة الغربية يشكل حالة سياسية ذات توجه رسمي فقط، وطالب بضرورة فتح المجال للحريات العامة، وحرية التعبير والرأي، في الوقت الذي اعتبر فيه الاعتقال على خلفية الاراء السياسية والانتماءات عيب كبير، يشوه الواقع الفلسطيني، واعتبر اعتقال أي فلسطيني على خلفية سياسية، محرم في مسيرة النضال الوطني .
يذكر أن نبيل عمرو وقع على كتابه " ياسر عرفات وجنون الجغرافيا " بحفل نخبوي مميز، قدم له الكاتب السياسي والإعلامي حسن الكاشف، والذي سرد نبذة عن المؤلف والكتاب وقراءة سريعة لفصول الكتاب، وأهم المحطات في مسيرة الشعب الفلسطيني التي عاصرها المؤلف وثبتها في كتابه، ومن ثم قدم نبيل عمرو والذي استفاض بالحديث عن الكتاب وفصوله ودوافع كتابته لبعض الفصول، وشرح أهم الاحداث التي سجلها في الكتاب، مؤكداً على أن لا مراجع استند عليها في كتابه سوى ذاكرته الشخصية، بحكم معايشته الاحداث مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات .
وبدوره قدم الكاتب السياسي تيسير محيسن قراءة هامة للكتاب، مفجراً عددا من الاسئلة الثرية، والتي تركها لكل قاريء لكي يجيب عليها .
وانتهى الكلام عن الكتاب ومؤلفه عند الكاتب والقيادي في حركة فتح يحيى رباح الذي عرج بدوره على مراجعته للكتاب قبل الطبع ومتابعته لكثير من الاحداث التي وردت في الكتاب بحكم معايشته لها.
واختتم الحفل الذي حضره عدد كبير من نخبة الكتّاب والأدباء والسياسيين، والصحفيين والاعلاميين بتوقيع نبيل عمرو على كتابه " ياسر عرفات وجنون الجغرافيا ".