منذ ثورة يناير، بدأ يتردد اسمها ليس كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلى فقط، بل كلاعب خفى تلعب أصابعه من وراء ستائر المشهد السياسى المصرى، بعد الإطاحة بنظام «مبارك» وصعود التيار الإسلامى لسدة الحكم، ومن دورها فيما حدث من اقتحام للسجون إبان الثورة وإخراج سجناء تابعين لها، مروراً بالحادث المأساوى الذى أصاب الجنود المصريين فى رفح، حتى الاتهامات التى وجهها بعض الساسة والناشطين عن تسرب عناصر جناحها العسكرى «القسام» للمشاركة فى قمع حركة المعارضة المناهضة لحكم جماعتهم الأم فى مصر.
ما وراء الأحداث من كواليس المشهد السياسى الدولى والإقليمى الذى يكتنفه الغموض وما يتردد عن دور خفى لنظام الرئيس محمد مرسى، ومن خلفه تنظيم الإخوان، فى عقد صفقات حصل بمقتضاها نظام «مرسى» على دعم الأمريكان فى بقائه فى مواجهة معارضيه، مقابل الحفاظ على المصالح الأمريكية، واستقرار الوضع فى الجانب الإسرائيلى.. عن تلك الأفكار اجرت صحيفة "الوطن" المصرية حوارا مع سامى أبوزهرى الناطق باسم حماس.
هل حدث توتر بينكم وبين نظام الرئيس محمد مرسى بعد شروع الجانب المصرى فى إزالة الأنفاق؟
- محاولات ردم الأنفاق لم تسبب أى توتر على الحدود، وهذا الموضوع يعالج عبر الاتصالات المستمرة بين غزة والقاهرة، لكن حكومة حماس لا شك ترفض فكرة ردم الأنفاق، لأننا نعتبرها شريان الحياة لغزة، لكن هل تلاحظ أن عمليات الإزالة هذه تدفع بكل ما يقال من تدخل حماس فى الشأن المصرى الداخلى، وعن تعرض حماس لجنود مصريين على الحدود؟ كل ما تردد فى هذا الشأن كلام تافه لا يستحق الرد.
■ تقبلتم ردم الأنفاق من «مرسى» ابن جماعة الإخوان، فى حين رفضتم الفكرة من «مبارك»، على الرغم من أن «مرسى» فعل ما لم يفعله سلفه؟
- نحن لا نقبل بردم الأنفاق ونعارض الفكرة بشدة، نحن سنقبل بالردم حين يتوفر لنا البديل، وهو فتح المعابر للأفراد وللتبادل التجارى، وحين يحدث ذلك، فنحن لسنا فى حاجة إليها، كل يوم لدينا وفيات، فالأنفاق فى تربة رملية وتحدث انهيارات ونحن نتمسك بها، وهناك شبان فسلطينيون يتعرضون للوفاة فيها بسبب الانهيارات والاختناق.
■ ألا ترى أن إزالة الأنفاق جاء بناءً على تدابير أمنية بسبب تسرب عناصر تكفيرية تهدد أمن مصر وتشيع نوعاً من الفوضى وليس بهدف خنق غزة.
- قضية الأمن على الحدود قائمة منذ أيام «مبارك»، فلماذا لم تثر هذه القضية إلا هذه الأيام؟ لم يكن هذا العامل مبرراً واضحاً فيما قبل، لا شك أن هناك ضغوطاً من بعض الأطراف المصرية فى الداخل لإغلاق الأنفاق وتشويهنا.
■ هل ترى أن هناك بقايا للنظام السابق ما زالت تسيطر على الأجهزة الأمنية فى مصر، وهى من تضغط من أجل إزالة الأنفاق؟
- لا شك ذيول النظام السابق وبعض وسائل الإعلام ذات الارتباطات بالنظام السابق، تمارس ضغوطاً سياسية وإعلامية للضغط لمحاصرة غزة بهدف محاصرة حركة حماس، لكن نحن بشكل واضح نقول إننا حركة فلسطينية بغض النظر عن انتمائنا السياسى، وإخوان مصر جماعة مصرية، نحن نتبنى قضيتنا ونتعامل مع الجميع، وتعاملنا مع عمرو موسى ومع عبدالمنعم أبوالفتوح، وأثناء الحرب استقبلنا وفداً مصرياً مكوناً من كل الأحزاب والتيارات السياسية.
■ أتحدث عن المعلومات وتبادلها، لأنه يقال إن حماس تضاهى إسرائيل فى الجانب الاستخباراتى، ولديها خريطة كاملة بحركات الجماعات الجهادية والعصابات المسلحة التى تتنقل بين غزة ومصر عبر الحدود.
- لا يستطيع أحد أن يدخل إلى غزة، أو يخرج منها دون موافقة الأجهزة الأمنية فى حماس، هذا بشكل قاطع.. من أجل هذا أقول إن دخول التكفيريين وغيرهم عبر غزة، غير وارد على الإطلاق، فالأنفاق فى قبضة يدنا، أما المعابر، فهناك جهات مسئولة عنها على الجانبين.
■ إذن، من أى مكان يدخلون؟
- الأنفاق التى تقع بين غزة ورفح المصرية، لا يمكن لأى شخص دخولها، دون علم حركة حماس، ولا يمكن أن تقبل الحركة، أن تكون مأوى لأى خارج على القانون، والنظام المصرى وكل المعلومات التى طلبتها منا القاهرة، وفرناها فى سياق التعاون المشترك بين الطرفين، ولم نتلق أى اتهامات بالتقصير فى المطلوب منا.
■ ما المعلومات التى قدمتموها للجانب المصرى؟
- كما قلت، نتعاون مع المخابرات فى كل ما يُطلَب منا، وفى المقابل لم نبلغ بأن هناك أى فصيل فلسطينى تورط فى الجريمة.
■ تسربت بعض «الوثائق» التى نُسبت لكم تكشف عن تورط عناصر «القسام» التى ساندت «الإخوان» ضد انتفاضة القوى الشعبية والمعارضة ولم ينفها أحد من الجانبين؟
- نفينا كل ذلك، حتى الجانب المصرى قرأت نفيه فى هذا الشأن، وقصة أن هناك عناصر من «القسام» ذهبت لتساند النظام المصرى ضد المعارضة غير صحيح، وتلك الوثائق «مدسوسة»، وبيانات «القسام» توضع على الإنترنت، وأصدروا بياناً ينفى صحة هذا الكلام، وهذا يثبت أن البيان المزعوم، مدسوس ومزور، وأيضاً قصة «التنظيم» التابع للقسام الذين ادعوا أنهم دخلوا مصر، أين هؤلاء الشباب وأين الجيش والشرطة المصرية، ألم يشاهدوهم؟ ولماذا لم نر لهم دوراً فى حماية الرئيس؟
■ تردد أن هناك من شاهد تلك العناصر تتحدث بلكنة فلسطينية وملثمة وملتحية وتقف بجوار عربات مصفحة؟
- نحن بكل أسف نسمع هذا الكلام السخيف ممن يحاولون أن يروجوا الإشاعات، فاللكنة واللغة واللحية ومن يقول «جزاك الله خيراً»، كل هؤلاء موجودون فى الشوارع، وليسوا حمساويين فقط، وأن تتحدث عن 7 آلاف، أين ذهبوا؟ وإذا رأيتم واحداً أو اثنين، فأين البقية؟ هم ذكروا بعض الأسماء من هؤلاء، واحد من الأسماء الـ250، الذين قالوا إنهم تسربوا إلى مصر، اسمه «خالد البردويل»، أنا سألت عن هذا الشخص، هو موجود فى غزة الآن، ويمكن أن أعطيك رقم هاتفه، رجل يبلغ 55 سنة، هل هذا هو من نرسله لحماية «مرسى»، هذا الرجل مستشار قانونى.
■ إذن، من يحاول تشويه صورتكم وما مصلحته؟
- هناك بعض ضباط الأمن الوقائى فى السلطة فى رام الله، وبعض الجهات الخارجية فى مصر، وخارجها، تستهدف تشويه صورة حماس، نظراً لبعض الانتصار الذى حققته ضد إسرائيل، وأيضاً الزج باسم حماس فى الخلافات الداخلية المصرية ومحاولة تصفية حسابات بين الأطراف المصرية من خلال زج اسم حماس، كل هذا يفسر ارتفاع وتيرة الإشاعات فى هذا التوقيت. لماذا لم تثر تلك الشائعات إلا الآن؟ حتى قصة مقتل الجنود المصريين كان واضحاً جداً أنه لا علاقة لنا بها.
■ اللواء «القوصى» فى شهادته تحدث عن تهريب عناصر فلسطينية لسجناء تابعين لها؟
- تهريب مساجين من السجون المصرية، هذا موضوع قديم.. لماذا يثار الآن، وكان محاولة إثارة الموضوع للتشهير وتوظيفه، لكن الذى داهم السجون هم أهالى المعتقلين، وهذا ما أكده أهالى المسجونين باعترافاتهم، وكون أن هناك معتقلين فلسطينيين هربوا واستطاعوا أن يصلوا الحدود ودخول الأراضى الفلسطينية، ماذا تنتظر منهم بعد ذلك؟ هناك معتقلون اعتقلوا ظلماً فى عهد «مبارك» هل كان المطلوب منهم أن يبقوا فى داخل زنازينهم؟
■ لماذا لم يرجع هؤلاء السجناء إلى مصر مرة أخرى؟
- لماذا نرجعهم؟ ألم يعتقلهم مبارك، أيمن نوفل، مثلاً، صدر بحقه 3 إفراجات من محاكم مصرية، فلماذا نعيده ولماذا اعتقل فى الأصل؟ اعتقل حين حاول أن يساعد الشعب الفلسطينى فى غزة وإدخال أسلحة لهم، هل كان المفروض أن يبقى، أريد أن أذكر أن شقيقى قتل فى السجون المصرية، فهل نريد أن يقتل آخرون فى السجون. حين خرج المعتقلون المصريون خرج هؤلاء الشباب معهم، وهم لم يكونوا معتقلين على خلفية جنائية، هم ليسوا «حرامية» مثلاً، هؤلاء مناضلون مجاهدون، والجيش المصرى قبض على 6 من هؤلاء وأعادهم مرة أخرى، وبعد أن جرت مراجعة أسمائهم والقضايا المتهمين بها أفرج عنهم بعد التأكد من عدم مسئوليتهم عما نسب إليهم من قبل.
■ فى تحقيقات ما أطلق عليهم إعلامياً «خلية مدينة نصر»، اعترفوا أنهم جلبوا صواريخ من وإلى غزة عبر الأنفاق، ألا يضر ذلك بالأمن القومى المصرى؟
- دخول السلاح لغزة ليس جريمة، فهو يدخل ضمن جهاد الشعب الفلسطينى، ضد الاحتلال.
■ لكن أليس هناك خطر على الأمن القومى المصرى من فوضى السلاح؟
ـ لا ننكر حصولنا على السلاح، لكنّ هؤلاء المواطنين بغض النظر عن حقيقة توجهاتهم، لا نعرف ما هى الحقيقة.. نعم نحن نبحث عن السلاح وسنعمل على إدخاله لغزة من أى مكان بغض النظر عما قالوه، نحن نعتبر أنه من العار على الأنظمة العربية أن تقف تتفرج على غزة وهى تحاصر وتقصف ولا تتحرج من إثارة قضية السلاح، الأمريكان يبنون جسوراً جوية وبحرية فى حرب الاحتلال على غزة، أثناء المعارك، لماذا يتحرج المصريون من ذلك؟ هذا واجب، هناك جريمة ترتكب يجب أن يتركوا السلاح يصل إلى غزة.
■ لا بأس من دعم الأنظمة صاحبة السيادة، لكن الإشكالية أن يفعل ذلك الأفراد والجماعات، فذلك يخل بالأمن القومى.
- ما دام نقل السلاح لا تفعله الدولة، فمن الطبيعى أن تفعله الجماعات والأفراد، لأنهم يدعمون الشعب الفلسطينى فى مقاومته للاحتلال، ونحن من جانبنا سنطرق كل الأبواب لنحصل على السلاح سراً وعلناً، وإلا فكيف يمكن أن نقاوم؟
■ ما رأيك فى تصريحات خيرت الشاطر وحسام الحداد، التى نفيا فيها محاولة النظام المصرى إدخال السلاح لغزة عبر الأنفاق؟
ـ الشاطر لا علاقة له بهذه القضية، أما عصام الحداد فموضوع السلاح هذا شأن من يديره، فطبيعى ليس له علاقة بهذه القضية أيضاً.
■ هل يتحمل «مرسى» تبعية إرسال سلاح لغزة؟
- بغض النظر، نحن حصلنا على السلاح فى ظل نظام «مبارك»، ومن الطبيعى أن نحصل عليه فى ظل نظام «مرسى» فى مرحلة ما بعد الثورة.
■ «مبارك» لم يهدم الأنفاق كما فعل «مرسى».
- الحصار ما زال قائماً، وطالبنا «مرسى» برفعه، ولا يستطيع أى طرف فى العالم أن يمنع السلاح عن غزة، يجب أن يكون ذلك واضحاً، نحن نحصل على السلاح ونصنعه، وإذا سقطت غزة ستسقط القاهرة، لأن استقرارها مرتبط بالأمن القومى المصرى.
■ حين جلسنا مع بعض الإخوة فى حماس بعد اتفاقية الهدنة الأخيرة لاحظنا أنهم لم يكونوا راضين عن أداء «مرسى»، فهل هناك سخط على أداء «مرسى»؟
- لا أعرف مع من جلست، لكن ما يعنينى هو موقف حركة حماس ولن تجد عندنا خطاباً متناقضاً، نحن راضون 100% على الصيغة التى جرى بها اتفاق التهدئة، وأعتقد أنه كان مشرفاً لنا لأن التهدئة جاءت بناءً على طلب إسرائيلى، نحن استمررنا فى المواجهة رغم أن الاحتلال كان يطلب التهدئة ولم نوقف القتال إلا بعد الموافقة على الشروط.